ابتدأت المقابر بلحود تحت الثرى تدفن فيها الأموات بعد درجها في لفائف الأكفان إما مباشرة في جوف الأرض أو في جرار كبيرة من الخزف ويظن أنه سرى لهم ذلك اقتداءً بقابيل حين قتل أخاه هابيل وعجز عن مواراة سوأته فبعث الله غراباً لبرية كيف يواري سوأة أخيه ففعلوا مثله.
وأقدم الجثث ما وجد مقرفصاً على الهيئة التي خلقت بها في أحشاء الأمهات سولا الرأس فإنه يبقى منتصباً لا منطوياً بين الرجلين وقد وجد منها العدد الكثير في وادي القطار بجوار أطفيح من الجهة القبلية الشرقية وفي جهة أبي صير التابعة لمديرية الفيوم وفي نقاده والكوامل وأم الجعاب وجبل السلسلة.
ثم استعمرت اللحود لدفن الفقراء على تمادي الزمن وكان للموميات في بادئ الأمر ثلاثة أحوال:
الحالة الأولى_يكون هيكل المومية مجتمعاً فترى فيه الركب منضمة إلى الصدر وموضوعة فوق الوجه وتلحد في القبر على جنبها الأيسر متجهة حو الجهة القبلية.
الحالة الثانية_يجمعون عظام الميت بعد تجريدها عن اللحم ويفصلون الرأس عن العنق بتحنيط الرأس وحفظه سليماً وذلك في بعض الموميات.
الحالة الثالثة_حرق بعض شيءٍ من الجثة أو حرقها كلها مع بعض الأثاث الذي يتهيأ لوضعه في القبر معها ثم يؤخذ رماد ذلك المحروق ويوضع في قدر.
وقد خالف الفقراء في صناعة اللحود ولو الثروة والأعيان فاتخذوا مقابرهم منحوتة في صميم الجبال وعلى الأخص في جبل لويه كالمقابر التي نراها الآن في جوار الأهرام في مديرية الجيزة فإنها آبار تبتدئ فوق صخر الجبل ثم بعد عمق يختلف بعداً وطولاً حسبما يشاؤن تنتهي بمنامة مستطيلة يوضع فيها تابوت الميت فهي بهذه الصفة لا تختلف عن مقابرنا الآن إلا بعمق الآبار وقد تكون البئر شبه منزل للمنامة غير ضيق فينحتوها في سفح الجبل ويتركون وجهتها الغربية عالية ويجعلون في آخرها منامة مربعة لدفن الميت فيها ويصورون في الجزء الأعلى الذي ترك فوق السطح على حافة البئر صورة الميت