النعامة أعظم الطيور وأضخمها يبلغ علوها نحو مترين ووزنها أربعين كيلوغراماً أحياناً. سمعها دقيق ونظرها حاد وحاسة الذوق والشم فيها غليظة بحيث لا تتخير غذاءها وقلما تميز بين جيده ورديئه. فهي وإن تكن من الحيوانات آكلة العشب تخضم أغذية نباتية وتحتك بكل ما يقع نظرها عليه من حديد وقرمد وخشب وتصدمه حتى يكاد يتناثر. ساقاها مستويتان مستطيلتان متينتان حتى أنها لتقطع نحو ٢٨٠ كيلومتراً في أقل من عشر ساعات فتبذُّ بذلك الصافنات الجياد في حلبة الطراد. وريش جسم ذكر النعام أسود فاحم وريش الأجنحة والذنب أبيض وعنقها أجرد لا ريش له وهو أحمر كساقيها وعينها زرقاء ومنقارها أصفر ورجلاها سنجابيتان وهي كالجمل تنزل المناطق الحارة المنعزلة عن الناس.
عرف القدماء النعام وورد ذكرها في التوراة أكثر من مرة وسماها اليهود ابنة الصياح وكثيراً ما تزعق في المطارح النائية الواسعة في ظلمات الليل وتنخر نخيراً ممزوجاً بعويل محزن يرمض القلوب ويجلب الكروب. وهي من البلاهة بحيث لا يضاهيها حيوان حرمها الخالق تعالى من الحكمة ولم يجعل لها حظاً من الذكاء كما ورد في التوراة. ويذكر بلين أن الصيادين يضطرونها إلى أن تقبع رأسها وتخفيه ظناً منها بأن لا يراها أحد ومتى طاردها المطاردون تستخدم رجليها بمثابة مقلاع وترمي بهما أحجاراً بغلظ الكف.
هذا الطائر مشهور منذ القرون العريقة في القدم ويبيض في الرمل ولا تحضن أنثاه بيضها إلا من الليل لأن حر النهار ينقفها. وإنك لتراها إرسالاً وعصائب على مقربة من الواحات في رمال أفريقيا وبلاد العرب وتُرى في الصحراء من جبال الأطلس إلى ضفاف النيل وفي رمال صحراء ليبية ومصر الوسطى وفي القفر الواقع في الجنوب الغربي من الإسكندرية.
رأينا النعامة مرسومة في مصانع الفراعنة والحبشان آخذين بزمامها وقد لزَّت في قرن مع الأسود والفهود وغيرها من حيوانات تلك الأرجاء. ويروى عنها في أساطير الأولين روايات من مثل اختيارها دون سائرا لحيوانات لإنقاذ إله الخمر لما ذهب هذا إلى الهند