كان ثلاثة من الناس في السابع من تموزيوليوسنة ١٨٠٧ مجتمعين حول منصة سترت بنسيج الدمقس الأخضر في مدينة تيليست من أعمال بروسيا وقد اتشحوا بأفخر ما تقتضيه الكبرياء والفخفخة من الألبسة المذهبة وتقلدوا الأوسمة البراقة.
هؤلاء الرجال هم المسيو شارل دوتا ليران وزير الخارجية نابليون الأول إمبراطور فرنسا والبرنس أسكندر كورا كين مستشار القيصر واحد أعضاء مجلس الشورى ومن إشراف الروس والبرنس لوبانوف الفريق في الجند الروسي.
دعي أولئك الثلاثة إلى قاعة المذاكرات بواسطة موظف خاص حسب ما تقتضيه قواعد التشريفات التي يظن أنها أبدية ليوقعوا على العهدة التي بدأت مادتها الأولى بهذه الجملة: سيدوم السلام والوئام بين نابليون بونابرت إمبراطور فرنسا وملك إيطاليا وبين قيصر الروسيين أجمعين منذ أول يوم يتم فيه التصديق على هذه العهدة من الجانبين
فذهبت هذه المعاهدة ببروسيا والبروسيين إلى أقصى دركات اليأس حتى كانما كانت نذيره بانقراضهم وتأذن سلطانهم أو أن ذاك الوفاق الفرنسي الروسي بناء يقام على أنقاض حكومة هذه البلاد. . .
بينما كان منذوبو هاتين الدولتين المتخالفين يجوبون الأرض مسرعين ليبشروا الشعوب الأوروبية بإشراق أفق السياسية عن أزمنة جديدة إذا باستاد بروسي لا ينظر إليه أمراء السياسة والحرب إلا بعين الازدراء يفكر في أسباب فلسفية يسد بها ثلمات القنابل والمعاهدات التي خربت وطنه فأخذ يعقد المؤتمرات ويخطب أفراد قومه بأن يرجع كل إلى قوته ويعمد إلى أدراع بأسه ويسعى في إنهاض بلاده قدر طاقته.
هذا هو فيختي الذي أخذه البروسيون أستاذا في جامعة برلين لما رأوا من ذلاقة لسانه وصدق بيانه وسداد جنانه. وكان فيختي يرجو في خطبه أن يرى شعوب الجرمان وحكوماته متحدة ليكون لها من اتحادها قوة. تلك الأمة التي برهنت في حرب السبعين على أنها عملت بنصائح فيختي كما ينبغي للأمم المغلوبة أن تعمل بنصح رجالها إذا كأنت الدعوة إلى الإتحاد روح نصحهم.