للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حالتنا العلمية والاجتماعية]

حري بنا والربح الأول من القرن الرابع عشر ينتهي بانسلاخ هذا الشهران نذكر بعض ما تم للبلاد العربية في خلاله من أسباب النهوض وتحسين الملكات والارتقاء العلمي والأدبي فنثبت من ذلك ما نعرفه عن مصر والشام بالعيان وما يبلغنا عن بلاد القاصية من ثقات من رحلوا إليها او اطلعنا عليه فئة من أهلها فنقول:

كان حظ مصر من هذا الارتقاء عظيما إذا قيس بالخطوات التي خطتها الاقطار الأخرى ومصر لاتزال منذ سقوط الدول الأولى محط رحال العالمين والمتعلمين ومقصد أهل الإسلام من أهل أفريقية وأوروبا واسيا وجزائر المحيط. فقد زاد فيها عدد المتعلمين وبعد أن كانوا واحدا او اثنين في المئة أصبحوا الان نحو عشرة وزاد المتأدبون والقراء ايضا فبعدان كأنت الجرائد لايتنأولها أكثر من الفي قارئ ومعظمهم لايكادون يفقهون مايقرأون زاد عددهم زيادة كبرى حتى جاوزوا فبما احسب ثلاثين ألفاً وكثير منهم يعقلون ما يلقى عليهم كما زاد تحسين الصحافة العربية وأخذ تجري على مثال الصحافة الغربية وصار لها صوت وتأثير في الأمة. وعلى تلك النسبة نما فريق الكتاب والأدباء والمعربين والمصنفين بعد أن كان الكتاب في مصر أواخر القرن الثالث عشر يعدون على الأصابع معضمهم ضعاف يكثر في كلامهم اللحن والركاكة كما تقل الأفكار السديدة ولو لم يكن المصريون منصرفين إلى تولي أعمال القضاء والإدارة والطب والهندسة في الحكومة لرأيت الكاتبين والمفكرين منهم أكثر سواداً وأعظم نفعاً ولكن الأمال معقودة بان يزيد عددهم ويكثر الانتفاع بثمرات عقولهم وتجاربهم في الربع الثاني من هذا القرن أصبح بعضهم يشعرون بأن الاعتماد في تعليم أبنائهم على الحكومة وحدها ليس من السداد في شئ ومتى أخذت الوظائف كفايتها من العمال يغدو المتعلمون وقد سدت في وجوههم الأبواب في الحكومة فلا يعود أمامهم غير الصناعات الحرة ومنها القيام على التأليف والكتابة وهي من المعايش التي يزهدون فيها الان

ساعد مصر على النهوض انتشار الحرية وكثرة احتكاك الأهلين بالأجانب فنشأ من ذلك نشئٌ أن لم يكن في الغاية بتعلمه فهو أهل للعمل لو درب عليه. وعرف أكثرهم منزلتهم ومنزلة قومهم من القصور فهموا أن يعملوا وحاولوا أن ينفعوا وأصبح الناس يبحثون في الشؤن العامة أكثر من ذي قبل وإن كان بحث عامة الناس في الشؤن السياسية عقيم في