للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[رسائل الانتقاد]

تابع لما سبق

قال أبو الريان ومن شر عيوب الشعر كلها الكسر لأنه يخرجه عن نعته شعراً وليس مما يقع لمن نُعت بشاعر. فأما الاقواء. والسناد. والأكفاء. والزحاف. وصرف ما لا ينصرف فكل ذلك يستعمل الآن السالم من جميع ذلك أجمل وأفضل قال ومن عيوبه المذمومة مجاورة الكلمة ما لا يناسبها ولا يقاربها مثل قول الكميت:

حتى تكامل فيها الدل والسنب

وكما قال بعض المتأخرين في رثاء:

فإنك غيبت في حفرة ... تراكم فيها نعيم وحور

وإن كان النعيم والحور من مواهب أهل الجنة فليس بينهما في النفوس تقارب. ولا لفظة تراكم مما يجمع بين الحور ولا النعيم. ومثله قول بعضهم:

والله لولا أن يقال تغيرا ... وصبا وإن كان التصابي أجدرا

لعاد تفاح الخدود بنفسجاً ... لثمي وكافور الترائب عنبرا

فالتفاح ليس من جنس البنفسج لأن التفاح ثمرة والبنفسج زهرة. وقد أجاد في جمعه بين الكافور والعنبر لأنهما من قبيل واحد. ولو قال:

لعاد ورد الوجنتين بنفسجاً=لثمي وكافور الترائب عنبرا

لأجاد الوصف. وأحسن الرصف. لكون الورد من قبيل البنفسج. فهذا النوع فافتقد. وهذا الشرع فاعتمد.

قال أبو الريان ولفضلاء المولدين سقطات مختلفات في أشعارهم أُذاكرك منها في أشياء لتستدل بها على أغراضك لا لطلب الزلات. ولا لاقتفاء العثرات. كان بشار تتباين طبقات شعره فيصعد كبيرها. ويهبط قليلها كثيرها. وكذلك كان حبيب ابن أوس الطائي فإذا سمعت جيدهما كذبت أن رديهما لما. وإذا صح عندك أن ذلك الردي لهما أقسمت أن جيدهما لغيرهما. قال ومما يعاب من الشعر الافتتاحات الثقيلة مثل قول حبيب أول قصيدة:

هن عوادي يوسف وصواحبه ... فعوماً فقدماً أدرك الثأر أو طالبه

ومثل قول ديك الجن أول قصيدة:

كأنهايا كأنه خلل الخ ... لة وقف الهلوك إذ بغما