صبغة السياسة الرومانية: لم يخطر للرومان أن يفتحوا العالم أولاً حتى أنهم تمهلوا بعد أن بسطوا حكمهم على إيطاليا وقرطاجنة مدة مئة سنة قبل أن يخضعوا الشرق إلى سلطانهم والظاهر أنهم فتحوا فتوحاتهم دون أن يختطوا لها خطة من قبل لأن مصلحتهم كلهم كانت بأن يفتحوا الفتوح ويدوخوا الممالك.
فكان يرى الحكام وهم قواد الجيوش من الفتوحات فرصة لنيل علائم التشريف بالظفر الذي يكتب لهم ويكونون على ثقة من الاشتهار بين أمتهم والتأثير فيها. وكان أعظم رجال الحكومة في رومية مثل بابيرويوس وفابيوس وسيبيون الأول والثاني وكانوا من القواد الذين فتحوا الفتوح وكتب الظفر لأعلامهم ويربح الأشراف الذين يتألف منهم مجلس الشيوخ إذا كثر سواد رعايا رومية فيذهبون كما يذهب الحكام لقبول احتراماتهم وهداياهم. وأما الفرسان أي الصيارف والتجار وأرباب المشاريع فإن كل فتح حديث كان لهم بمثابة مشروع جديد يستثمرونه.
والأمة نفسها تنتفع من الغنائم التي تؤخذ من العدو وقد رفعت الضرائب بصورة دائمية بعد أن دخلت خزانة الدولة الرومانية كنور ملك مكدونية. أما الجنود فكانوا يقبضون رواتب عالية من قوادهم وقد أخذوا يحاربون البلاد الغنية دع عنك ما كانوا يمدون إليه أيديهم من مال المغلوبين. وعلى هذا فقد فتح الرومان العالم للفوائد المادية أكثر من المجد.
قرطاجنة: لما امتد سلطان روية إلى جزيرة صقلية حملت على قرطاجنة وعندئذ بدأت الحروب الفينيفية فحدثت ثلاثة حروب فكانت الحرب الأولى من سنة ٢٦٤ ـ ٢٤١ حرباً بحرية ولا نعرف عنها شيئاً إلا ما روته الأساطير بعد زمن من حدوثها. فذكروا أن الرومانيين لم يملكوا سفناً حربية قط وأنهم جعلوا سفنهم على مثال سفينة قرطاجنة وقامت بالعرض على الشاطئ فأخذوا يمرنون فجذفيهم على استعمال المجاذيف في اليابسة هذه القصة لا أساس لها لأن بحرية رومية قديمة أما الرومان فقد نقلوا أخبار هذه الحرب كما يلي: غلب القنصل دوبليوس الأسطول القرطاجني في ميلي (٢٦٠) وكان نزل إلى أفريقيا من البحر جيش روماني على عهد الحاكم رجولوس فغلب وتمزق شذر مذر (٢٥٥) وأشر