ليس جميع ماخلد في بطون الاوراق من شعر شعرائنا الغابرين هو في المديح والهجاء والرثاء والغزل والنسيب والخمريات والزهديات والخلاعيات بل كان منهم ذوو أخلاق طاهرة يتأثرون بمحيطهم ويشعرون بشعور امتهم يشساركونها في الأمها وأسقامها ويسعون إلى صلاحها وإصلاحها وإن ماانتهى الينا من شعر الجاهلين والمخضرمين والمولدين أن صح اصدار الحكم عليه لقتله ليدعو إلى القطع بان معظم الشعراء اميل إلى الخصوميات منهم إلى العموميات ٠وابوالعلاءالمعري رأسهم في تشريف الشعر والتفادي من ابتذاله وجل لزومياته من الشعر الاجتماعي الصادر عن نفس أبيه مشرفة على ما يعبث بجسم المجتمع من الشرور والغرور والقصور ولذلك لم يبرح يضرب على نغمة التنديد وكثيراً يخرجه النقد إلى الغلو واي شعر خلا من الغلو
ولو خلت نفس أبي الطيب المتنبي من المطامع والتغالي في حب الجاه والغني لساغ أن يكون من مجموع حكمياته ديوان شعر اجتماعي ينفع الأمة في تكبير نفوسها وتحسين ملكاتهها ولاسيما لوكأنت الحكمة مختلطة بأجزاء نفسه اختلاطها بأجزاء روح المعري وكانت اقواله على قدر افعاله. فقد رأينا يملا الدنيا مديحا بسيف الدولة ثم يهجره ويمدح كافورا والاخشيدي لما كان يرجو أن يوليه ولاية ثم يهجوه اقبح هجو لما يئس منه فكيف يثق العقلاء باقواله وتفعل أشعاره في النفوس فغلامحمودا.
وإذا تقدمنا إلى ما وراء ذينك العصرين وبحثنا في شعراء أوائل العباسية كأبي العتاهية وأبي نواس لانعتم أن نقول فيهما مأقلناه في أبي الطيب وإن كانت الزهديات غالبة على شعر الأول والخمريات متحكمة من شعر الثاني. أما من كانوا بعد ذلك العهد من الشعراء كأبي فراس الحمداني فإنك تجد شعرهم بحسب محيطهم فتقرأ في شعر هذا علو النفس والشمم وشيئامن روح الاجتماع وبحق ماقيل بديء الشعر بملك وهو أمرؤ القيس وختم بملك وهو ابوفراس وبحق ماقالوا كلام الملوك ملوك الكلام. وانك لاتجد في نفسك النشأة التي تجدها بتلاوة شعر الشريف الرضي وابن الرومي ماتجده بكلام صريع الغواني وناصح الدين الارجاني. اما ما إذا جئت تقرأ الشعر في القرون الخمسة الأخيرة وهي عصور انحظاظ اللغة وانحطاط الأفكار فتكاد لاتجد الجيد واحدا من مائة وأكثر من اجادوا في الاجتماعيات من كانوا على شيء من معرفة زمانهم من الشعراء وتأثروا بتأثر امتهم