مثل تلك الزمرة من الشعراء التي سقطت الأندلس في أيامها فبكوها ورثوها او كانوا قبيل سقوطها فحذروا ملوكهم عاقبة التفاشل وبينوا لهم مواضع الضعف واي شعر واقع في النفس وافعل في أثارة الشجون من قصيدة ابن الابار لما اوفده صاحب بلنسية عندما حاصرها ملك برشلونة إلبرتغالي إلى ابن أبي حفص صاحب أفريقية التي يقول في مطلعها.
أدرك بخيلك خيل الله أندلس ... أن السبيل إلى منجاتها درسا
وهب لها من عزيز النصر مالتمست ... فلم يزل منك عز النصر ملتمسا
وحاش مما تعانيه حشاشتها ... فطالما ذاقت البلوى صباح مسا
ياللجزيرة أضحى أهلها جزرا ... للحادثاتوامسى جدها تعسا
في كل شارقة المام بارقة ... يعود مأتمها عند العدا عرسا
وكل غاربة اخجال شائبة ... لثني الأمان حذرا والسروراسى
وفي بلنسية منها وقرطبة ... ماينسف النفس او ماينزف النفسا
واي شعر اصدق من رقعة وجدت في جيب أبي عبد الله الفازازي يوم موته يقول فيها
الروم تضرب في البلاد وتغنم ... والجور يأخذ مابقي والمفرم
والمال يورد كله قشتالة ... والجند تسقط والرعية تسلم
وذوو التعين ليس فيهم مسلم ... الا معين في الفساد مسلم
اسقي على تلك البلاد وأهلها ... الله يلطف بالجميع ويرحم
قال المقري أن هذه الأبيات رفعت إلى سلطان بلده فلما وقف عليها قال بعد ما بكى صدق رحمه الله تعالى ولو كان حيا ضربت عنقه. ولم يزل أهل الأندلس بعد ظهور الإفرنج على كثير منها يستنهضون عزائم الملوك والسوقة لأخذ الثأر بالنظم والنثار فمن القصائد الموجهة في ذلك قول بعضهم لما أخذت بلنسية يخاطب أفريقية أباحفص ويقول فيها.
ياحسرتي لعقائل معقولة ... سئم الهدى نحو الضلال هداءها
ايه بلنسية وفي ذكراك ما ... يمري السؤن دماءها لا ماءها
كيف السبيل إلى احتلال معاهد ... شب الاعاجم دونها هيجاءها
وإلى ربا واباطح لم تعترض ... حلل الربيع مصيفها وشتاءها