من مسائل القرن التاسع عشر ولدت فيه ونشأت وترعرعت وربما كان الفرنسي أسبق غيرهم من الشعوب المتحضرة إلى إنشاء القومية والتناغي بها منذ قيامهم بثورتهم الأولى وقد قام اليونان في سنة ١٨٢١ - ١٨٣٠وخلعواالطاعة العثمانية باسم القومية وقام البلجيكيون وانفصلوا في سنة ١٨٣٠ - ١٨٣١ عن الهولنديين بهذا الاسم أيضاً وثارا لبولونيون في سنة ١٨٣٠ - ١٨٣١والمجرفي سنة ١٨٤٨مدفوعين أيضا بعامل القومية والجنسية وساعد نابولي الثالث على إنشاء القومية الإيطالية أو الوحدة الإيطالية في سنة ١٨٥٩وسها عن تأليف الوحدة الألمانية في سنة ١٨٦٦ - ١٨٧٠وكثيرمن الدول العظمى تتخذ من تشابه اللغات حجة لتوحيد الجنسيات والقوميات وضم من تراهم أهلاً لذلك مثل الجامعة الجرمانية والجامعة السلفية وفي البلقان تجري اليوم قاعدة الجنسية على أصولها يريد الروماني والبلغاري والصربي والرومي أن ينشئوا لهم من الضعف قوة ويوحدوا ألسن من ينضمون تحت لوائهم وتجنسوهم بجنسياتهم خلافاً لما جرت عليه الحكومة العثمانية في الروم أيلي مدة خمسة قرون.
وقد أنشأ بعض أتراك الأستانة يؤسسون منذ مدة لنشر لغتهم وإقامة دعائم قوميتهم أندية كثيرة مثل ترك يوردي وترك درنكي وترك أوجاعي وغير ذلك وإليك مقالتين لنا في هذا المعنى كنا نشرناهما في جريدة المقتبس (عدد ١٢٣٠ - ١٢٤٦
٢٥رجب ١٣٣١و١٣شعبان هـ ١٣٣١ حزيران وتموز١٩١٣) فان فيهما الماعاً كبيراً إلى هذا الموضوع الخطير ولعل الطبقة المفكرة العالمة تعاود البحث فيه بحثاً علميا مجردا عن الشعوبية والعصبية.
ذكر علي كمال بك من كبار أدباء الأتراك في إحدى افتتاحياته الأخيرة في إقدام: مبحثاً في أن القومية هي قوة فقط ورد بالبراهين التاريخية على من قاموا يؤسسون أندية تركية صرفة فقال أن ألمانيا حاولت بما فيها من قوة منذ ثلاث وأربعين سنة وقد استولت على ولايتي الألزاس واللورين من فرنسا أن تجعل أهلها ألماناً في لغتهم ومناحيهم فنوعت الأساليب بين الشدة والرخاء فلم توفق إلى إخراجهم عن فرنساويتهم وإن كانت أصولهم جرمانية في القديم ولكنهم تفرنسوا بعد ونشأ لهم رجال فرنسيون في فروع العلم والإدارة والجندية خدموا فرنسا أصدق خدمة وكذلك فعلت ألمانيا من قبل باستيلائها على مقاطعة