من أمهات كتب الجغرافيا العربية القديمة التي أحياها بالطبع دي كوي أحد أئمة المشرقيات في الغرب وطبعتها مطبعة بريل في ليدن من بلاد هولاندة طبعة ثانية سنة ١٩٠٦ كتاب أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم لشمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر البناء الشامي المقدسي المعروف بالبشاري ذكر فيه الأقاليم الإسلامية وما فيها من المفاوز والبحار والبحيرات والأنهار ووصف أمصارها المشهورة ومدنها المذكورة ومنازلها المسلوكة وطرقها المستعملة وعناصر العقاقير والآلات ومعادن الحمل والتجارات واختلاف أهل البلدان في كلامهم وأصواتهم وألسنتهم وألوانهم ومذاهبهم ومكاييلهم وأوزانهم ونقودهم وصروفهم وصفة طعامهم وشرابهم وثمارهم ومياههم ومعرفة مفاخرهم وعيوبهم وما يحمل من عندهم وإليهم وذكر مواضع الأخطار في المفازات وعدد المنازل في المسافات وذكر السباخ والصلاب والرمال والتلال والسهول والجبال والحواوير والسماق (؟) والسمين منها والرقيق ومعادن السعة والخصب ومواضع الضيق والجدب وذكر المشاهد والمراصد والخصائص والرسوم والممالك والحدود والمصادر والجروم والمخاليف والزموم والطساسيج والتخوم والصنائع والعلوم والباخس والمشاجر والمناسك والمشاعر.
قال: وعلمت أنه باب لا بد منه للمسافرين والتجار ولا غنى عنه للصالحين والأخيار هو علم ترغب فيه الملوك والكبراء وتطلبه القضاة والفقهاء وتحبه العامة والرؤساء وينتفع به كل مسافر ويخطى به كل تاجر وما تم لي جمعه إلا بعد جولاني في البلدان ودخولي أقاليم الإسلام ولقائي العلماء وخدمتي الملوك ومجالستي القضاة ودرسي عَلَى الفقهاء واختلافي إلى الأدباء والقراء وكتبة الحديث ومخالطة الرهاد والمتصوفين وحضور مجالس القصاص والمذكرين مع لزوم التجارة في كل بلد والمعاشرة مع كل أحد والتفطن في هذه الأسباب بفهم قوي حتى عرفتها ومساحة الأقاليم بالفراسخ حتى أتقنتها ودوراني عَلَى التخوم حتى حررتها وتنقلي إلى الأجناد حتى عرفتها وتفتيشي عن المذاهب حتى علمتها وتفطني في الألسن والألوان حتى رتبتها وتدبري في الكور حتى فصلتها وبحثي عن الأخرجة حتى أحصيتها مع ذوق الهواء ووزن الماء وشدة العناء وبذل المال وطلب الحلال وترك