المعصية ولزوم النصح للمسلمين بالحسبة الصبر عَلَى الذل والغربة والمراقبة لله والخشية بعدما رغبت نفسي في الأجر وطمعتها في حسن الذكر وخوفتها من الإثم وتجنب الكذب الطغيان وتحرزت بالحجج من الطعان ولم أودعه بالمجاز والمحال ولا سمعت إلا قول الثقات من الرجال.
وقال في موضع أخر في ذكر الأسباب التي عاينها في تأليف كتابه ويفهم منها مبلغ تعبه في وضعه ترجمته لنفسه عَلَى أسلوب هو الأدب بعينه والإبداع الغريب قال:
اعلم أن جماعة من أهل العلم ومن الوزراء قد صنفوا في هذا البابوإن كانت مختلة غير أن أكثرها بل كلها سماع لهم ونحن فلم يبق إقليم إلا وقد دخلناه وأقل سبب إلا وقد عرفناه وما تركنا مع ذلك البحث والسؤال والنظر في الغيب فانتظم كتابنا هذا ثلاثة أقسام إحداها ما عايناه والثاني ما سمعناه من الثقات والثالث ما وجدناه في الكتب المصنفة في هذا الباب وفي غيره وما بقيت خزانة ملك إلا وقد لزمتها ولا تصانيف فرقة إلا وقد تصفحتها ولا مذاهب قوم إلا وقد عرفتها ولا أهل زهد إلا وخالطتهم ولا مذكروا بلد إلا وقد شهرتهم حتى استقام لي ما ابتغيته في هذا الباب.
ولقد سميت بستة وثلاثين اسماً دعيت وخوطبت بها مثل مقدسي وفلسطيني ومصري ومغربي وخراساني وسلمى ومقرئ وصوفي وولي وعابد وزاهد وسياح ورواق ومجلد وتاجر ومذكر وإمام ومؤذن وخطيب وغريب وعراقي وبغدادي وشامي وحنيفي ومتأدب وكري ومتفقه ومتعلم وفرائضي وأستاذ ودانشومند وشيخ ونشاسته وراكب ورسول وذلك لاختلاف البلدان التي حللتها وكثرت المواضع التي دخلتها ثم أنه لم يبق شيء مما يلحق بالمسافرين إلا وقد أخذت منه نصيباً غير الكدية وركوب الكبيرة فقد تفقهت وتأدبت وتزهدت وتعبدت وفقهت وأدبت وخطبت عَلَى المنابر وأذنت عَلَى المنابر وأممت في المساجد وذكرت في الجوامع واختلفت إلى المدارس ودعوت في الحافل وتكلمت في المجالس وأكلت مع الصوفية الهرائس ومع الخانقائية الثرائد ومع النواتي العصائد وطردت في الليالي من المساجد وسحت في البراري وتهت في الصحاري وصدقت في الورع زماناً وأكلت الحرام عياناً وصحبت عباد جبل لبنان وخالطت حيناً السلطان وملكت العبيد وحملت عَلَى رأسي بالزنبيل وأشرفت مراراً عَلَى الغرق وقطع عَلَى قوافلنا الطرق