سلام عليك يا مستقر النعماء، وقرارة الهناء والرخاء، وخير خلوة يفزع إلى أرجائها الناسكون والعالمون، ويتقلب في أجوائها عشاق الطرب وأرباب المجون فيك تتجسم عظمو خالق السموات إذا بالغ في الأفضال على الأرضين، وتبدو قمة الخلق إذا صحت عزائمهم أن يكونوا عالمين لا خاملين، فليس في الأقاليم ما يفوتك باعتدال المواسم وانترار المباسم، وتلون المظاهر، وتنوع الثمرات والأزاهر، وتلي الجداول والأنهار، وتجلي الطبيعة في العثايا والأسحار.
سلام على وادي دمشق إنه آية الحسن والإحسان، فيه تتجدد الحياة كل حين لأنه بمنزلة الربيع من الزمان، ويحلو العيش في ظل أفيائه على سذاجته مهما كان مراً وتطمئن النفس إلى التنقل في رباعه برداً كان أو حراً، إيه غوطة جلق لم يؤثر عنك أن أمسكت خيراتك عاماً عن أبنائك فلا تفتأين على الدهر تخرجين لساكنيك أفلاذ أكبادك على تعاقب الأمم والدول، وتصدقين الود لكل من يطلب قربك فيعيش معك في رخاء وصفاء.
سلام على سكونك في الليالي الظلماء والقماء، ربيعاً كان أو صيفاً أو خريفاً أو شتاءً، وهنيئاً مريئاً لمن يستمتعون بالنظر إليك من الصباح إلى المساء، ويتعهدونك بالحرث والكرث والتقليم والتنقية والزرع والأرواء، سواء عندهم حمارة القيظ وصبارة القر وظلمة الليل وشمس النهار، سلام غليهم أنهم مثال النشاط في المزارعين، لا يضنون على أرضهم بأوقاتهم وأتعابهم وهي تجردهم ضروب الخير والمير كلما جودوا زراعتها، وتزيدهم بركات على بركات كلما رعوها فأحسنوا رعايتها، وهم مهما صهرت جسومهم حراتها، وصفرت سحناتهم رطوبتها، بيض الوجوه شم الأنوف، لأن رزقهم مناط أيديهم العاملة، لا يعتمدون في تحصيل قوتهم، على غير قوّتهم، ولا يتكلون إلا على من ينزل الغيث ويمع