وإنما معنى قوله (انما الخمر والميسر والانصاب والازلام وجس) أي معصية والكفر والنفاق والمعاصي رجس يدلك على ذلك أن الازلام هي القداح فاي نتن لها؟ وهذا مثل قوله:{وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم} أي نفاقاً إلى نفاقهم ومثله {ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون} وكيف يكون رجساً أي نتناً وهي في الجنة؟ وقال الله تعالى:{وأنهار من خمر لذة للشاربين} فوصفها باللذاذة ولم يصف بذلك عيرهما مما ذكر معها. وقال:{يسقون فيها كأساً كان مزاجها زنجبيلاً} ولم يرد فيما يرى أهل النظرأن الزنجبيل يلقى فيها وإنما أرادوا إنها تلذع اللسان كانها مزجت بزنجبيل. والشعراء تصف أفواه النساء براح مزجت بالزنجبيل. قال المسيب ابن علس
وكان طعم الزنجبيل به ... إذ ذقته وسلافة الخمر
وقال الأعشى بمشبهه بالزنجبيل والعسل:
كان جنياً من الزنجبي ... ل بات بفيها وأريا مثورا
وقال الجعدي
وبات فريق منهم وكانما ... سقونا طفا من اذرعات مفلفلا
ولهذا يقول الشعراء للخمر مزة للذعها اللسان ولا يريدون الحموضة وقال بعض أصحاب اللغة: إنما مزّة بفتح الميم أي فاضلة من قولك: هذا أمز من هذا أي أفضل وأرفع. وقال:(يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون) فنفى عن خمر الجنة عيوب الخمر الدنيا وهو الصداع ونفاذ الشراب وذهاب العقل والمال ونحو هذا قوله في فاكهة أهل الجنة (لا مقطوعة ولا ممنوعة) فنفى عنها عيوب فواكه الدنيا لأن فواكه الدنيا تأتي في وقت وتنقطع في وقت ولأنها ممنوعة الا بالثمن والعرب تسمي الخمر درياقة يريد انها شفاء كالدرياق. قال ابن مقبل
سقتني بصهباء درياقة ... متى ما تلين عظامي تلن
وقال الله تعالى {ويسئلونك عن الخمر والميسر قل فيها اثم كبير ومنافع للناس واثمهما أكبر من نفعهما} فالإثم العذاب وكذلك الآثام قال: {ومن يفعل ذلك يلق إثاما} أي عقاباً وأما