للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تهذيب الفرد في المجتمع الإنساني]

تهذيب الفرد لفظ يراد منه معاونته على التذرع بالذرائع التي تؤهله إلى حياة تامة في هذا الوجود. والتهذيب من حيث هو يشمل على أمرين أحدهما أن يكسب الفرد شيئا من العلم ثم يصحبه بشئ من العمل وكلأهما نافع. بل هما من الأمور التي يترتب عليها قوام معش الفرد والاسرة والأمر الآخر يتضمن ترقي القوى المودعة في الفرد على اختلاف أنواعها وهذا الترقي يمكن تلك القوى من نيل اللذائذ التي تهديها طبيعة الوجود والبشر إلى نفوس تقبلها وتستطيع أن تستمع بها.

النوع الأول تحث عليه الأخلاق وتوجبه لان به يحصل التلاؤم بين الفرد ومحيطه ويصبح خليقاً بالوجود. ولما كان لهذا النوع علاقة بالحياة كان الحصول عليه من واجبات الفرد نحو نفسه ثم نجو المجتمع. وأصحاب العمل اليدوي لا ندحة لهم عن احراز هذا النوع من التهذيب لان به معاشهم ولا غنى عنه بكل فرد من البشر اللهم الا لمن انتقل إليه شئٌ من الرزق بالارث فيمكنه أن يعيش به. اما سائر الأفراد فإنهم إذا اغفلوه ولم يتعنو له يتعذر عليهم مناصبة الطوارئ الطبيعيه التي تقضي بنسخ الضعيف ليقوم مقامه القوي. وينتج من هذا أن الفرد الذي لا يكون متأهباً التاهب التام بهذا التهذيب يصبح كلاً على كأهل ثائر الناس هو واسرته وولده فإذا هم ابوا تقديم الضرورات له ولنسله فلا يتخلصون من قلق وسآمة ينالأنهم عند مشاهدة عجزهم وألمهم. وهو بلية على البشر مصدرها أولئك الذين عاثو في الأرض فسادا او بخسو التهذيب حقه وخلطو فيه اذ وهمو فيما يتقاضونه فأطلقوه على ملعومات ربما حملت في مطاويها ضر أكثر من نفع وربما كانت وسيلة لإكثار القاعدين الذين لا طاقة لهم بهذا الوجود. هؤلاء باسم العلم والتهذيب يثقلون مناكب البشر ويكلفونهم بتقديم القوط وسائر الحاجات. يتسمون بسمات لون نزعنها عنهم لرايت تحتها العجب العجاب.

أما النوع الثاني فليس له نهج خاص ولا يجب أن ينحى في طلبه طرق معلومة والأولى أن تترك القوى وشأنها فلا يكون الواجب مسيطراً عليها رد ليلها الطبيعة والسليقة وهما تسوقأن الفرد إلى معرفة اللذائذ التي هوأهل أن يمتع نفسه بها والتي إذا تغاضى عنها ولم يبالي بها كأن ذلك باعثا في انتقاص سرورة وزياة المهم أن أهل الزهد يتخلون عن البشر ويعمدون إلى مسخ جسومهم وتعذيب ابدانهم على أتباعهم أي ملذة كانت وينفرون من كل ما