الشّعر التّهذيبي
الولد والمدرسة
بقلم عيسى أفندي اسكندر المعلوف صاحب مجلّة الآثار
أرى الشّبّان قد ملؤوا المدارس ... ليكتسبوا معارفها النّفائس
فلا يجني العلوم فتىً تربّى ... بحجر دلالها كالغصن مائس
ولا يجني العلوم فتىً تربّى ... على حسن المآكل والملابس
ولا يجني العلوم فتىً تربّى ... وقد شمخت به كبراً معاطس
ولا يجني العلوم فتىً تربّى ... على أوهامه والعقل طامس
فمن طلب العلوم فقد جناها ... باحيا الليل مجتهداً ودارس
يرى النّصب الكثير له هناءٌ ... ولست تراه في الأبحاث يائس
فيلقى في مكاتبه ارتياحاً ... وتلقاه بها نعم الممارس
فبين الكدّ والإهمال فرقٌ ... كفرقٍ بين راجلنا وفارس
وسبحان الذي خلق البرايا ... صنوفاً غيّرت أصل المغارس
فمنهم من غدا ملك الأهالي ... ومنهم من تسفّل كالأبالس
ومنهم من يحبّ الدّهر سلماً ... ومنهم من يثير حروب داحس
ومنهم من يسكنه لجامٌ ... ومنهم من تحرّكه منافس
ومنهم عاقلٌ قولاً وفعلاً ... ومنهم فاجرٌ للحقّ دائس
ومنهم مشبّه الزّنبور لسعاً ... ومنهم مشبّه النّحل الجوارس
ومنهم جاهلٌ للكذب راوٍ ... ومنهم عالمٌ بالصدّق نابس
وبعضٌ عقله كالصّبح نوراً ... وبعضٌ عقله كالليل دامس
فكن لفضائل الأخلاق مرأى ... وكن لمحاسن الآداب قابس
وكن للطافة الأرواح مغنىً ... وكن لطهارة الأجسام حارس