كلمتان لهما من مناقب الحرب والجدال ما لا عظم الأمم المجاهدة وإن الخوف ليأخذ مني ما أخذه أمامهما وكأَني أسمع تلك المشاتمات التي علت زمناً كلمات أردت أن أخطو خطوة إلى حمامها. وكذلك فإن المناقشات اللسانية عندنا كثيراً ما ظهرت في شكل المناقشات اللغوية عَلَى أني لم أملك نفسي اليوم منأن أكتب شيئاً في هذه المسألة وأنا أعلم ماضيها المهيب وما ذلك لأني أراها سهلة ذات جاذبة بل لأني أجدها في هذا الزمن الأخير تحتاج إلى بحث وتدقيق عَلَى أنه لو لم يكن هذا الاحتياج وسيلة كافية للعود إليها لكان لنا من تلك السابقة التي اخترعها شبهال أكبر سائق للتمسك بأهدابها.
نعد من الاستيلاء أنواعاً فنقول الاستيلاء السياسي والاستيلاء الاقتصادي الخ وله نوع آخر لطيف يتميز عن غيره بأنه يطلبه من يريد هو أن يستولي عليهم ألا وهو الاستيلاء العلمي فلا أصول الحماية في المكوس ولا بناء السدود ولا جمع الجيوش في الحدود يمنعه إن كان مقدراً. يمر مثل الطيارة فوق هذه جميعاً وهو آمن في سربه يتبختر حتى يصل إلى المحل الذي تخير. يأبى عليك أن دعوته ويجور عليك إن تركته، وهو كضياء الشمس يحرم من الحياة من لم يتطلبه. إن رمت أن ترفع إليه فاخضع وإن شئت أن تكون حراً فاستسلم إليه أسراً. . . . ما أشد تضرعنا لأعتابه الآن! نذهب أفواجاً إلى برلين وباريز ولوندرا ونيويورك حتى يابان ولسوف ندعوه سنين عديدة أن يجيبنا لطفاً منه وتفضلاً فإذا أجاب فلسوف يحملنا من غير شفقة علينا.
أحماله الكثيرة ذرة ذرة ... نعم ذا تذلل ولكن العز فيه
* * *
إن أصلح الاحتلال بصلح هو الاحتلال العملي ولكن إذا تأخرك قليلاص عن تدارك ما يلزم لثوائه - أعني الكلمات والاصطلاحات - فإنه يأتي بها من عنده. أما هو فهو من النجابة وحسن العشرة بمكان وأما توابعه اللفظية فإنها ويا للأسف شكسة شرسة سيئة العشرة فإذا رأت قليلاًَ من التسامح هجمت عليكم فأذهب حسن الذوق من أفواهكم.
فإن كنتم تحبوا أن تدفعوا عنكم هذه التهلكة فبادروا بإحضار الكلمات والاصطلاحات.
هذه إحدى حاجاتنا التي لا تتناهى. نحن اليوم في موقف إذا أردنا أن نحفظ استقلال لساننا - كما نحفظ استقلال ملكنا - وجب علينا فيه أن نزيد - كما زدنا قوة الجيش - كتيبة