[الحقيقة في الخيال]
متى تنجاب هاتيك الدّجون ... وعنّا تنجلي تلك الظّنون
متى يعلو على الشّكّ اليقين ... متى يصبو على الحزن الرّزين
أنبقى هكذا بيد الفجائع ... ضرائب للبنادق والمدافع
لنا في كلّ شارقةٍ مصارع ... تصيد نفوسنا فيها المنون
تقاضينا إلى حدّ الحسام ... على ما ليس يؤبه من خصام
وتقذفنا لمنذور الحطام ... لجارية القضاء نوّى شطون
يهيب بنا اللموع من السّرابِ ... لورد الحتف في حمس الضراب
ويخدعنا الجهام من السّحابِ ... فنحسب أنّه الغيث الهتونُ
يرينا المرء في سكنى الأطام ... خلال المرء في سكنى الخيام
ألذّ مُدامه كأس الحمام ... واهنأ عيشه الحرب الزّبون
له دانت مواليد الطبيعة ... فأضحت وهي صمّاءٌ سميعة
أطاعته وما برحت مطيعة ... تبوح بسرّها وهو المصون
فكم كشفت معارفه حجاباً ... وكم راضت مواهبه صعاباً
وكم دكّت عزائمه هضاباً ... وكم خضعت له بكرٌ وعون
فنونٌ كم له منها جنونٌ ... وإنّ جنونه أبداً فنون
وكلّ حديثه معها شجون ... وكلّ شجونه فيها فتون
تضاحكه فيطرب لا يبالي ... بما منها له تلد الليالي
وينسى ما جنته على الأوالي ... وما خبّأت له منها القرون
يطيع نداء ناقضة الذّمام ... ويعصي كلّ طيّعة الزّمام
هجيراه مجانبة الوئام ... وبين ضلوعه الدّاء الدّفين
سواءٌ عنده ركب ألفضاََء ... بتطلاب العلى أم خاض ماَء
ودأماء توسَّطُ أم دماَء ... له في كلّ حادثةٍ سفين
أجال بغامضٍِ الأكوان فكراً ... فأوضح مبهماً وابان سرّاً
وكم أوحت له آياً وسفرا ... ًوسَر كتابها فيه مبين
جلا سنن الطّبيعة فاجتلاها ... كواكب كم أبان له ضياها