كتب أحد الباحثين من الأوروبيين رسالة في معنى نهضة الصين إلى إصلاح التعليم القديم عندها فقال أن هذه المملكة كانت لها طريقة تامة في التعليم منذ القرن الرابع والعشرين قبل التاريخ المسيحي على عهد حكم ملوك هيا فكان لكل أسرة قاعة للدرس ولكل كورة كتاب ولكل مقاطعة مدرسة فيمتحن المتعلمون كل سنة ويرتقي الأكفاء إلى مناصب الحكومة وفي القرن الثمن قبل المسيح بطلت طريقة إعطاء الوظائف بالاستحقاق العلمي وأصبحت وراثية إلا أن كنفوشيوس حكيم تلك الأمة جاء في القرن التالي وأحيا معالم التعليم على الأصول القديمة ونظمها فأحسن تنظيمها حتى أصبحت بعده محترمة في أقطار المملكة وما زالت تعاليمه معمولاً بها وتختلف لضعف أنصارها وقوتهم في بعض القرون وبقوة البوذية والتاوستية حتى كانت سنة ١٩٠٤ فأصدر الإمبراطور أمره بإلغاء الأوامر القديمة الصادرة بشأن التعليم التقليدي وبذلك ألغى نظاماً اجتماعياً جرت عليه أمته منذ خمسة وأربعين قرناً.
وقد شعرت الصين منذ حروبها الأولى مع أوروبا بقلة التعليم في موظفيها وتبين للبلاط الإمبراطوري أن ذلك كان السبب الرئيسي في ضعف المملكة ولذلك عزم الإمبراطور منذ سنة ١٨٩٨ أن لا يمنح الوظائف إلا لمن اطلعوا على العلوم الحديثة الأوروبية فأصدر أمره بإنشاء مدارس على الطراز الحديث وإقامة كلية في بكين على مثال كليات أوروبا وفي سنة ٩٠٦ ألف نظارة معارف عمومية وكان من أثر ذلك أن توفرت العناية بتعليم البنات وكانت النساء من قبل مقصورات في بيوتهن معتبرات في نظر الصينيين أحط من الرجال وأهم ما يعلمنه في المدارس الكثيرة التي أنشئت لتخريجهن الأخلاق والمالية وأعمال البيوت والرياضيات الجسدية ويمنعن من تضييق أرجلهن منعاً قطعياً.
وكثر عدد المدارس الخاصة والعامة التي أنشئت مؤخراً لتعليم الفنون المختلفة كالفصاحة والملاحة وعمل الخطوط الحديدية والبحرية والشرطة وعلم التربية واللغات الأجنبية. وساعد الأدباء والعلماء والصحافيون على خدمة أفكار الحكومة في هذا الشأن وأخذوا يؤلفون الكتب والمعاجم ويترجمون من لغات أوروبا كل مفيد لكيانهم وأخذت الحكومة والأهالي يحاولون إيجاد الأموال لهذه المشاريع ومن جملة الذرائع التي عمدوا إليها ضربهم الضرائب على محال تناول الشاي لتصرف في سبيل تعليم الأمة. وقد خطر على الأساتذة أن يهينوا التعاليم القديمة فجاء في لوائح المدارس بهذا الصدد إن للنظام الاجتماعي