من المناظرات الجميلة بأسلوبها وجمال إنشائها ما جرى بين متى بن يونس القنائي وبين أبي سعيد السيرافي نقتبسها من الجزء الثالث من معجم الأدباء الذي صدر مؤخراً ليطلع القراء على أفكار الفيلسوف وأفكار نحوي وها نحن نقدم قبل إيراد المناظرة مختصر ترجمة المتناظرين وناقل كلامهما ليكون القراء على بينة مما يتلو كلامه.
أما متى بن يونس أو يونان أبو بشر وهو من أهل دير ممن نشأ في أسكول مرماي قرأ على قوقري وعلى روفيل وبنيامين ويحيى المروزي وعلى ابن أحمد بن كرنيب وله تفسير من السرياني إلى العربي وإليه انتهت رئاسة المنطقتين في عصره وكان نصرانياً وتوفي ببغداد يوم السبت لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة ثمان وعشرين وثلثمائة ولمتى من الكتب مقالة من مقدمات صدر بها كتاب أنالوطيقا كتاب المقاييس الشرطية وشرح كتاب إيساغوجي لفرفوريوس.
وأما أبو سعيد الحسن السيرافي فيتلخص مما قاله ياقوت في معجم الأدباء أن سيراف بليد على ساحل البحر من فارس كان أبوه مجوسياً اسمه بهزاد فسماه أبوه أبو سعيد عبد الله وقال أبو حيان في كتابه الذي ألفه تقريظ أبو عمرو بن بحر وقد ذكر جماعة من الأئمة كانوا يقدمون الجاحظ ويفضلونه فقال: ومنهم ابو سعيد السيرافي شيخ الشيوخ وإمام الأئمة معرفة بالنحو الفقه واللغة والشعر والعروض والقوافي والقرآن والفرائض والحديث والكلام والحساب والهندسة أفتى في جامع الرصافة خمسين سنة على مذهب أبي حنيفة فما وجد له خطأ ولا عثر له على زلة وقضى ببغداد وشرح كتاب سيبويه في ثلاثة آلاف ورقة بخطه في السليماني فما جاراه فيه أحد ولا سبقه إلى تمامه إنسان هذا مع الثقة والديانة والأمانة والرواية صام أربعين سنة وأكثر الدهر كله ومات ٣٦٨.
هذا أما أبو حيان التوحيدي فهو المتكلم الصوفي صاحب المصنفات ومنها كتاب البصائر والإشارات وغيرهما وكتاب المقابسات وكان إماماً في النحو واللغة والتصريف فقيهاً مؤرخاً وصفه ابن النجار أنه كان فقسراً صابراً متديناً وأنه كان صحيح العقيدة إلا أن بعض المؤرخين رموه بالكذب وقلة الدين والمجاهرة بالبهتان وإنه تعرض لأمور جسام والقدح في الشريعة والقول بالتعطيل قال ابن الفارس:
ولقد وقف سيدنا الصاحب كافي الكفاة على بعض ما كان يدخله ويخفيه من سوء الاعتقاد