فطلبه ليقتله فهرب والتجأ إلى أعداءه ونفق عليهم بزخرفه وأفكه ثم عثروا منه على قبيح دخلته وسوء عقيدته وما يبطنه من الإلحاد ويرومه في الإسلام من الفساد وما يلصقه بأعلام الصحابة من القبائح ويضيفه إلى السلف الصالح من الفضائح فطلبه الوزير المهلبي فاستتر منه ومات في الاستتار.
وعده أبو الفرج ابن الجوزي في تاريخه أحد زنادقة الإسلام الثلاثة وهم الراوندي وأبو حيان التوحيدي وأبو العلاء قال وأشدهم على الإسلام أبو حيان لأنه جمجم ولم يصرح. قال السبكي أنه وقع على كثير من كلامه فلم يجد فيه إلا ما يدل على أنه كان قوي النفس مزدرياً بأهل عصره ولا يوجب هذا القدر. قلنا وما كان طلب الصاحب ابن عباد لأبي حيان إلا لأن هذا وضع كتاباً سماه مثالب الوزيرين ضمنه معايب أبي الفضل بن العميد والصاحب بن عباد وتحامل عليهما وعدد نقائصهما ومن كتبه أيضاً الإمتاع والمؤانسة في مجلدين وكتاب الصديق والصداقة وكان موجوداً في السنة الأربعمائة.
وإليك الآن هذه المناظرة الغريبة.
قال أبو حيان: ذكرت للوزير مناظرة جرت في مجلس الوزير أبي الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات بين أبي سعيد السيرافي وأبي بشر متى واختصرتها فقال لي اكتب هذه المناظرة على التمام فإن شيئاً يجري في ذلك المجلس النبيه وبين هذين الشيخين بحضرة هؤلاء الأعلام ينبغي أن يغتنم سماعه وتوعى فوائده ولا يتهاون منه في شيءٍ فكتبت:
حدثني أبو سعيد بلمع من هذه القصة فأما علي بن عيسى النحوي الشيخ الصالح فإنه رواها مشروحة قال: لما انعقد المجلس سنة عشرين وثلثمائة قال الوزير ابن الفرات للجماعة: (وفيهم الخالدي وابن الإخشيد والكندي وابن أبي بشر وابن أبي رباح وابن كعب وأبو عمرو قدامة بن جعفر والزهري وعلي بن عيسى بن الجراح وأبو فارس وابن رشيد وابن العزيز الهاشمي وابن يحيى العلوي وابن طغج من مصر والمرزباني صاحب بني سامان) أريد أن ينتدب منكم إنسان لمناظرة متى في حديث المنطق فإنه يقول لا سبيل إلى معرفة الحق من الباطل والصدق من الكذب والخير من الشر والحجة من الشبهة والشك من اليقين إلا بما حويناه من المنطق وملكناه من القيام واستفدناه من واضعه على مراتبه وحدوده وأطلعنا عليه من جهة اسمه على حقائقه. فأحجم القوم وأطرقوا فقال ابن الفرات: والله إن