للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[غرائب الغرب]

كلية باريز

١٧

كلية باريز من أقدم كليات العالم في التاريخ إن لم تكن أول كلية أُنشئت وقد كانت في القرون الوسطى بلا مراءٍ أشهر كلية وأكثرها إيواءٍ للطلبة فكان علماءُ الوقت كما قال أحد الفضلاء ينظرون إليها بأنها صاحبة الحق في استخراج كنوز العلوم ملكت إرثاً شرعياً صحيحاً وكانت أول كلية أُنشئت في العالم كلية بابل أَسسها نينوس مؤَسس نينوي والمملكة الآشورية الأولى وخلفتها كلية منفيس المصرية وخلفت كلية منفيس كلية آثينا وبعد هذه أُنشئت كلية رومية وبعدها قامت كلية باريز واشتهرت كلية بولونيا في تعليم الحقوق كما سبقت كلية باريز غيرها في الآداب المقدسة والعالمية وكان في جوارها عشر مدارس تحيط بها كأَنها أم القرى وتلك من أعمالها مثل مدرسة الإنكليز ومدرسة الإيكوسيين والألمانيين واللومبارديين واليونانيين ولطالما بعث الملوك إليها بأولادهم ليتخرجوا في المنطق ويتعلموا رقة الجانب وحسن الأدب والعشرة.

ظلت هذه الكلية منذ القرن الثالث عشر إلى القرن السادس عشر تربي معظم الرجال الذين يختلفون إلى التعلم فيها وفيهم الشعراءُ والعلماء والفلاسفة ومن مشاهير من تخرجوا فيها غليوم أوكام ورايمون لول وتوما داكين وبنوا دانانيي وبونيفاس الثامن وبرونوتو لاتيني ودانت وتوما موروس وإيراسم وغيرهم وجميع طلابها عَلَى اختلاف أصقاعهم كانوا يرتاحون في حماها وكان مطمح أنظارهم حب الحقيقة وهي القاعدة الأصلية فيها وكل منهم يتمتع بحقوقه. ولقد جاءَ زمن كانت الحياة العقلية محصورة في جدران المدارس إلا أن كلية باريز أعظم منبعث لبث الدعوة إلى الأفكار الفرنسوية وكانت وحدها تكفي لإنارة العالم إلا قليلاً وكان رجال تلك الأزمان ينسبون العلوم إلى مواطنها ويرجعون الأمور إلى مصادرها فيقولون أن رومية مقر البابوية وألمانيا مقر السلطة وباريز مهد العلم.

وكانت الأفكار الفرنسوية ـ كما قال أحدهم في المجلة الباريزية ـ هي أكبر معين في القرون الوسطى عضد إلى النهاية الصليبيين في نشاطهم وهيأَ أسباب الحماسة الدينية وفتح لأمم المغرب ونشاطهم طرقاً جديدة في العمل ومن الأفكار الفرنسوية نشأت بعد نزاع قديم