للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المكاءُ

(١ تمهيد) كل من زاول الكتابة في بحث عربي موضوعه علم المواليد يلاقي من العناء ما لا يعرف مقداره إلا من يجاريه في هذا الموضوع من أبناء نفس هذه اللغة الشريفة. وعندي أن ليس من خدمة مجردة الغاية تضاهي خدمة من يأخذ على نفسه تخليص اللغة من مثل هذه الألفاظ المبهمة المعاني التي لم يحكم تعريفها أصحاب المتون اللغوية أو أصحاب الفنون الخصوصية فبقيت في دواوينهم وأسفارهم مثل الطلسمات يعاني فكها من لا غاية له إلا الغيرة على لسانه إذ ربما يطوي عدة ليال في جانب حلها وهو مع ذلك لا يرجع إلا بما رجع به حنين وإذ قد كنت ممن عني بمثل هذا الفرع من العلم وتفرغت له أحببت أن أطرف قراء المقتبس بما وفقت إلى معرفته من حقيقة أمر الطائر المعروف باسم المكاء.

(٢ تعريفه على ما جاء به كتاب العرب) إذا استشرنا كتبة العرب لمعرفة هذا الطائر فلا نسمع منهم إلا تحديدات وتعريفات مجملة لا يتحصل منها ما يصور لنا الطائر بصورته التي يتميز بها بل يوردون لنا ما ربما يصدق أو ينطبق على عدة طيور. فقد قالوا في تعريف المكاء ما هذا حرفه: المكاء بالضم والتشديد: طائر في طرف القنبرة إلا أن في جناحيه بلقاً سمي بذلك لأنه يجمع يديه (كذا) ثم يصفر فيهما صفيراً حسناً قال:

إذا غرَّد المكاء في غير روضة ... فويل لأهل الشاء والحمرات

التهذيب: والمكاء طائر يألف الريف وجمعه المكاكي. وهو فعال من مكا إذا صفر. اه (عن اللسان) وقال السيد المرتضى: المكاء: كزنار طائر صغير يزقو في الرياض. قال الأزهري: يألف الريف وقيل: سمي بذلك لأنه يجمع يديه (كذا) ثم يصفر. . . الخ كما في اللسان وقال في حياة الحيوان الكبرى: طائر يصوت في الرياض يسمى مكاء لأنه يمكو أي يصفر كثيراً ووزنه فعال كخطاف. اه. وقال القزويني: المكاء من طير البادية يتخذ أفحوصاً عجيباً وبينه وبين الحية عداوة. فإن الحية تأكل بيضه وفراخه. وحدث هشام ابن سالم أن حية أكلت بيض مكاء فجعل المكاء يشرشر أي يرفرف على رأسها ويدنو منها حتى إذا فتحت فاها ألقى في فيها حسكة فأخذت بحلق الحية فماتت اه.

هذا مجمل ما جاء في كتب العرب. ويتحصل منها: أن هذا الطائر يصفر وأن أغلب وجوده في الرياض بين الشاء والحمير وأن في جناحيه بلقاً. قلت ولذا سماه العرب