كان سيمون مثل كثير من رجال الإدارة في الإسلام جامعاً بين العلم والسياسة يشبه بعلمه وعقله يحيى بن خالد وزير الرشيد ويحيى بن أكثم وزير المأمون ولسان الدين بن الخطيب وزير بني الأحمر ويعقوب بن كلس وزير العزيز بالله الفاطمي والصاحب بن عباد وزير بني بويه وأبي بكر بن زهر الأندلسي وزير المصامدة وابن سينا وزير شمس الدولة صاحب همذان وعبد الملك بن سعيد وزير يحيى بن غانية الملثم ملك الأندلس وأبو القاسم الحسين بن المغربي وزير العبيديين وصاحب ديار بكر وميافارقين والقاضي الفاضل وزير صلاح الدين يوسف وغيرهم من الأفراد في العلم والرئاسة على اختلاف في الطباع والبقاع. لكن هؤلاء الأعاظم تمكنوا من العلم ونشأوا على معاطاة الأعمال بفضل عقولهم وقوة ولوعهم ومترجمنا هذا نشأ وسط أمة منورة ترغب في التعليم والتهذيب وتنشط القائمين بأمرهما فكان له من جودة طريقة العلم أعظم سبب يوصله إلى غاية الفضل والفضيلة.
ولد صاحب الترجمة من أبوين فقيرين في إحدى قرى مقاطعة لوريان إحدى العمالات الفرنسية فلما ترعرع دخل المدرسة وناهيك بما يقاسيه أبناء المعوزين في المدارس للقيام بحاجاتهم المدرسية وأداء أجور الدراسة. بيد أن فقره لم يثن من عزمه ودرس في مدرستي لوريان وفان اللتين درّس فيهما بعد. ولما أتم الدراسة عين أستاذاً في مدرسة رين عام ١٨٣٢ ومازال يتقلب في التعليم من دار علم إلى دار علم حتى انتهى إلى مدرسة السوريون الباريسية الكبرى وعهد إليه تدريس الفروع الحكمية العالية وظل طول هذا الدهر حليف فاقة اضطرته أن يشغل أوقات فراغه من التدريس في مؤازرة الصحف وتأليف الكتب فقضى في ذلك تسع سنين أتته بأجزل الفوائد. وقد بدأ أولاً يؤازر في مجلة بريتان ثم في مجلة العالمين ومازال يؤازر في الجرائد والمجلات طول حياته فقد ذكروا أنه ساعد في كتابة جريدة البريس والسيكل وكان مديراً لهذه من سنة ١٨٧٥ إلى سنة ١٨٧٧ وأدار شؤون الغولوا من سنة ١٨٧٨ إلى سنة ١٨٨١ والماتين والفيغارو والطان