ابن العديم هو عمر بن كمال الدين العقيلي الحلبي رئيس الشام المتوفى سنة ٦٦٦ كان محدثاً فاضلاً حافظاً مؤرخاً صادقاً فقيهاً مفتياً منشئاً بليغاً كاتباً محموداً درس وأفتى وصنف وترسل عن الملوك وكان رأساً في الخط المنسوب لاسيما النسخ والواشي وله التصانيف الرائقة منها تاريخ حلب أدركته المنية قبل إكمال تبييضه وله كتاب الدراري في ذكر الذراري صنفه للملك الظاهر غازي وقدمه له يوم ولد ولده الملك العزيز وكتاب الأخبار المستفادة في ذكر بني جرادة وكتاب في الخط وعلومه وآدابه ووصف ضروبه وأقلامه وكتاب رفع الظلم والتجري عن أبي العلاء المعري وكتاب تبريد حرارة الأكباد في الصبر عَلَى فقد الأولاد. قال ياقوت: وكان إذا سافر يركب في محفة تشيله بين بغلين ويجلس فيها ويكتب. وقد رحل إلى العراق ومصر والحجاز وتولى من أجداده خمسة قضاء القضاة في حلب عَلَى التوالي ومن شهره.
فوا عجبا من ريقه وهو طاهر ... حلال وقد أضحى عَلَى محرما
هو الخمر لكن أين للخمر طعمه ... ولذته مع أنني لم أذقهما
ولابن العديم شعر مستملح ونثر عذب ومن كتبه التي أبقتها الأيام كتاب التذكرة دخل دار الخديوية بالقاهرة جزء منه في بضعة أجزاء أولها الجزء الخامس وآخرها الجزء السادس عشر في ٢٠٥ ورقات صغرى أولها:
جفني بجفنك قد جفاه هجوعه ... والقلب واصله عليك ولوعه
وسقام جسمي فيك عز ذهابه ... والنوم عز عَلَى الجفون رجوعه
ومما جاء فيها:
أنشدني منجب الدين ابن الأمان المذكور قال أنشدني القاضي وجيه الدين ميلف ابن الصنديد الشيزري قال أنشدني للأمير شرف الدولة ابن المنقذ نفسه وكانت الزلزلة قد خربت شيزر اثنتين وخمسين وخمسمائة وسقطت القلعة عَلَى أخيه وأولاده وزوجته الخاتون أخت شمس الملوك فسلمت دونهم ونبشت من الردم فجاء نور الدين محمود بن زنكي إلى شيزر وتسلمها وطلب من زوجة أخيه أن تعلمه بالحال وتهددها فقالت له أن الردم سقط عليها وعليهم ونبشت سالمة دونهم ولا تعلم بشيء وإن كان لهم شيء فهو تحت الردم وكان شرف الدولة غائباً فلما حضر وراى شيزر وما حل بها وعاين زوجة أخيه بعد