الشام قطر واسع هو باب الشرق إلى البحر الأبيض مؤلف من ثلاث ولايات هي بيروت ودمشق وحلب ولوائين هما جبل لبنان والقدس الذي يشمل البقاع الفلسطينية مهبط الوحي والنبوات ومشرق شمس الحكمة والديانات أما العراق العربي فمؤلف من ثلاث ولايات أيضاً هي بغداد عاصمة الخلفاء العباسيين والموصل رافعة لواء التمدين في العصور الوسطى ومدينة البصرة مجتمع العلماء ودار الباحثين من أقطاب الحضارة الإسلامية ويضيفون إلى العراق لواء نجد أو الإحساء الممتد على ساحل الخليج الفارسي وكان قبل أعوام قليلة تابعاً لولاية البصرة تدير شؤونه رأساً مع أن التقسيم الإداري في سورية أوسع منه في العراق فلا يزال ما بين النهرين أكثر مساحة وأجسم وضعاً.
وإذا كان في الشام أنهار جميلة كالليطاني وبردى والعاصي والأردن والساجور التي تروي بلاد الشام ففي العراق نهران عظيمان هما دجلة والفرات يؤلفان شبكة من المياهفي هاتيك الجزيرة الزاهرة التي كان يقطنها نحو عشرين مليوناً من أعقل العناصر البشرية فطوراً ترى نهراً مصدره الفرات ومصبه دجلة وآونة تشاهد جدولاً يستقي مياهه من دجلة فيدفعها إلى الفرات وهكذا يرى السائح في هاتيك الربوع أنهراً متقاطعة هي منبع حياة الزرع والضرع في بلاد قليلة الأمطار وإذا تبخل السماء بمدرارها لم تبخل الأرض بأنهارها ويظل الرافدان سائرين من أعالي الأناضول حتى يلتقيا عند القرنسة فيؤلفان شط العرب الكبير الذي يروي أراضي البصرة والمحمرة وجزءاً كبيراً من بلاد إيران ويدفع هذا النهر ماءه في قلب خليج فارس عند مضيق الفاو على شواطئه فيكون طوله نحو ١٤٥ كيلو متراً وعرضه لا يقل أمام البصرة عن ٥٤٠ متراً وعمقه يختلف بين عشرة أمتار وخمسة أمتار وفيه تسير البواخر القادمة من أصقاع شاسعة كالهند وثغور فارس وبلاد الصين واليابان وأوروبا وأميركا ومصر ومنه تتفرع أنهر صغيرة كأبي الخصيب وهو معروف في كتب تخطيط البلدان العربية ونهر العشار وغيرهما فتفيض أوديتها ماءً نميراً بسبب وقوع المد والجزر مرتين كل يوم فتسيل على البساتين والحقول والمزارع وتسقي رياضاً وغياضاً في الإحصاءات المتقننة أنها لا تقل عن اثني عشر مليون نحلة أغلبها الموسرة في البصرة وما