وفي العراق غير هذه من الأنهار وأن وهو الذي حفه الإسكندر المكدوني على ما قيل وديالي المشهور في كتب العرب بشهر تامراً ويسقي مقاطعة خراسان العراق وهي أخصب بقعة فيه ونهر الغراف الذي يتفرع من جانب دجلة الأيمن أمام الكوت التي انتصر فيها حق العثمانيين على باطل الإنكليز وهو يمر بمدن وقرى كثيرة من ديار المتفق لاسيما مدينة الحي ويقال أنها مدينة واسط التي شيدها الحجاج أمير العراق على عهد الأمويين وهذا النهر يصب في ضفة الفرات اليسرى على مقربة من الناصرية التي بناها الأمير ناصر باشا السعدون أحد أقطاب الأسرة السعدونية صاحبة القول المطلق حينئذ على جميع قبائل العراق تقريباً ومن أحل الاطلاع على أخبارها فليراجع كتاب مطالع السعود في أخبار الوالي داود لعثمان بن سند البصري مخؤبق كتاب تاريخ نجد المطبوع في بغداد حديثاً وبقيت هنالك أنهار أخرى كالمجر الصغير والمجر الكبير والكحلة وهي تطفئ فلة ديار بعيدة الأكتاف مترامية الأطراف في لواء العمارة ومصدرها دجلة وتصب في المستنقعات الصالحة لزراعة الأرز وهناك قبائل وأفخاذ وبطون تتخذ ومنه خبزاً نقياً وفلما تأكل القمح غلا نادراً وطعامهم مقصور على السن والأرز والتمر وهم أقوياء الأبدان سمر للسحنات يستترون بمآزر فقط وصدورهم وأكتافهم معرضة لحرارة الحر وبرودة القمر.
كل هذه الأنهار في العراق صالحة لسير السفائن البخارية والشراعية ففي دجلة تسير بواخر الشركة العثمانية التي أسسها أبو الأحرار مدحت باشا والشركة الإكليزية التي نالتامتيازها ايام السلطان عبد المجيد فأساءت الصنيع مما حمل العثمانيين على فسخه وفي الفرات والغراف وشط العرب تسير بواخر كثيرة للبريد ولتأمين الراحة وتوطيد الأمن وكما أن السكك الحديدية في سورية أحكمت عرى الروابط الاقتصادية بين حواضرها كذلك الطرق البحرية أو النهرية ربطت بلاد العراق بعضها ببعض وليس في العراق أنهار غير صالحة للسير إلا النهر وأن الخالص ودلي عباس فالأول مندرس ولم تبق منه إلا أطلال طامسة وأنقاض دراسة وكان مصدره من دجلة ما فوق سامراء بثلاث ساعات ويصب على مقربة من المدائن عاصمة دولة الساسانيين ويقول بعضهم باقياً إلى اليوم تعلوه بعض الركام من الرمال وعليه آثار القناطر والجسور ويقال أن صدره مشيد بحجارة من الرخام أفرغ