[إيقاظ الرقود]
إلى كم أنت تهتف بالنشيد ... وقد أعياك إيقاظ الرقود
فلست وإن شددت عرى القصيد ... تجد في نشيدك أو مفيد
لأن القوم في غي بعيد
إذا أيقظتهم زادوا رقادا ... وإن أنهضتم قعدوا وئآدا
فسبحان الذي خلق العبادا ... كأن القوم قد خلقوا جمادا
وهل يخلوا الجماد عن الجمود
أطلت وكاد يعييني الكلام ... ملاماً دون وقعته الحسام
فما انتبهوا ولا نفع الملام ... كأَن القوم أطفال نيام
تهز من الجهالة في مهود
إليك إليك يا بغداد عني ... فإني لست منك ولست مني
ولكني وإن كبر التجني ... يعز علي يا بغداد أني
أراك عَلَى شفا هول شديد
تتابعت الخطوب عليك تترى ... وبدل منك حلو العيش مرّا
فهلاّ تنجبين فتى أغرّا ... أراك عقمت لا تلدين حرا
وكنت لمثله أزكى ولود
أقما الجهل فيك له شهودا ... وسامك بالهوان له الجسودا
متى تبدين منك له جحودا ... فهلا عدت ذاكرةً عهودا
بهن رشدت أيام الرشيد
زمان نفوذ حكمك مستمر ... زمان سحاب فيضك مستدرّ
زمان العلم أنت مقر ... زمان بناء عزك مشمخر
وبدر علاك في سعد السعود
برحت الأوج ميلاً للحضيض ... وضقت وكنت ذات عليّ عريض
وقد أصبحت فيجسم مريض ... وكنت بأوجه للعز بيض
فصرت بأوجه للذل سود
ترقى العالمون وقد هبطنا ... وفي درك الهوان قد انحططنا