فصل له من رقعة: الإسهاب كلفه. والإيجاز حكمه. وخواطر الألباب سهام يصاب بها أغراض الكلام. وأخونا أبو عامر يسهب نثراً ويطيل نظماً شامخاً بأنه. ثانياً من عطفه. متخيلاً أنه قد أحرز السباق في الآداب. وأوتي فصل الخطاب. فهو يستقصر أساتيذه الأدباء ويستجهل شيوخ العلماء
وابن اللبون إذا ما لزَّ في قرن ... لم يستطع صولة البزل القناعيس
وهذه قصيدة أنشأتها في ليلة سماؤها روضة تفتحت النجوم وسطها زهراً. وتفجرت المجرة خلالها نهراً وادٍ يسيل بعسجد. على رضراض زبرجد. فلما أصبت الغرة. واقصدت الثغرة تقلبت مراراً. وتناومت غراراً. حتى نبهني الفجر ببرده. وسربلني الصباح ببرده. وهببت من النومة وصحوت من النشوة. زففتها إليك بنت ليلتها عذراء. وجلوتها عليك كريمة فكرها حسناء. تتلفع بحبرة حبر. وتتبخر في شعار. مؤتلف بين رفها ومدادها. ومجتمع في بياضها وسوادها. الليل إذا عسعس. والصبح إذا تنفس. رقعتها كافور نمنم بمسك. وختامها ياقوت نظم في سلك. تحسب خطها تيم لفظها فشكا. وتخال القلم رقَّ لما به فبكى. فأنشدها أخاك الشهيدي وكلفه على العروض والقافية معارضتها. واحمله على اللين والشدة قارضتها. فستوقد بقلبه قبسا. وتضرب في أذنه جرسا. فستتبين به حظه وتتعرف فضله. وختم الرقعة بأبيات
اقصر عن لومي اللائم ... لما درى أنني هائم
مازلت في حبه منصفاً ... من لم يزل وهولي ظالم
أسهر ليلي غراماً به ... وهو أخو سلوة نائم
ومن شعره في قصيدة في ابن حمود
ولم أرَ مثلي كيف صار بقلبه ... من الوجد بركان وفي الجفن طوفان
ولا مثل هذا العدل كيف أعاده ... عليٌّ وقد مرَّت على الظلم أزمان