بين تخوم آسيا وأفريقية تيقظ شعب يعهد سكوتاً لكنه سيستولي عَلَى البحر الرومي ثم يتدخل لينافس الغربيين ونحن الآن لا يمكننا أن نقول شيئاً عن الحروب الصليبية قبل أن نذكر طرائف تلك الأمة ونبيها محمد (صلى الله عليه وسلم) حتى البعثة المحمدية. كان العرب أنسباء اليهود يعيشون العيشة الرعائية غير أنهم عشاق سفر امتازوا بحب التجول وقوة الهجوم وشدة الانفعال وليس لهم إلا الشرف وحب الشعر والأدب وبغض الكذب مذهب يدينون به عَلَى أن أكثر الأديان التي وجدت قبل البعثة المحمدية كانت تشابه العقيدة الفتشية وتجير الاستلاب لا رابطة بين القبائل تضم الشعث سوى احتفالهم العام في أم القرى كل عام.
كان الأنبياء الحنيفيون منذ القرن السادس من التاريخ المسيحي تثرى عَلَى العرب لقطع شأفة الوثنية وإرجاعهم لملة أبيهم إبراهيم ومحمد أحد هؤلاء الحنيفيين بيد أنه أفصحهم لساناً وأكثرهم إقناعاً للعقول.
ولد محمد في مكة عام ٥٧٠ بين القرشيين سدنة الكعبة ومروجي سلع عقائدهم القديمة فما قام ينذر ويكبر حتى خاصمه أهل قبيلته بل اقرب الناس إليه وقاوموه جد المقاومة فلم ير بداً من المهاجرة إلى يثرب التي سميت بعدئذ بالمدينة وهنا ابتدأ تاريخ المسلمين الهجري موافقاً ١٦ تموز ٦٢٢م.
وبعد دخول يثرب وجد بلداً طيباً لبذر بذور دعوته فاتخذ له أنصاراً مخلصين اشتد بهم أزره فأعلن الحرب عَلَى المكيين ثم دخل مكة وطنه ظافراً وكسر فيها الأصنام ونشر الحكمة والكتاب وجمع شملهم بآصرة الوحدة الإسلامية العربية ثم توفي بعد أداء وظيفته العظمى عام ٦٣٢.
الإسلام أو الاستسلام إلى الله بعث إلى أتباع محمد وأنصاره روح النشاط والغيرة وعصبية ملكتهم زمام العالم وجعلتهم أساتذة إذ في قرن واحد أي من ٦٣٢ إلى ٧٣٢ استولى خلفاؤه الصحابة الراشدون والأمويون الوارثون ومن بعدهم عَلَى سورية وفلسطين والجزيرة سنة ٦٣٨ ومصر ٦٣٩ وفارس ٦٤٢ ثم تتابع استيلاؤهم عَلَى تركستان وقطعة من الهند وبلاد