الأرمن وقبرص وإقيريطش (كريت) وطرابلس الغرب وأفريقية الشمالية كلها وعلى صقلية وسردينيا والجزائر البالبارية ثم هجم تيارهم عَلَى بلاد غاليا الإفرنجية وهدد هناك كيان النصرانية إلا أنه وقف هذا التيار الجارف في بواطيه عام ٧٣٢م
وإن استبحار عمرانهم وسرعة انتشار سلطتهم في المسكونة لما يساعد كثيراً عَلَى فهم مكانة المدنية العربية تلك المدنية التي يعتقد بدينها اليوم أكثر من ٣٠٠ مليون من البشر فقد كانت هذه الحضارة الباهرة في القرون الوسطى مزيجاً من المدنية البيزنطية والمسيحية وتم هذا المزيج المدني بأمرين الأول عشق العرب للتجارة والثاني غرامهم بالاستعمار وقد قال نبي العرب الذي كان قائد قوافل في حداثته ثم صار تاجراً:(إن الله يحب المؤمن المحترف) وأمر العرب أن يدرسوا فنون الأدب والعلوم قائلاً (الناس عالم ومتعلم ولا خير فيما بينهما) ولذلك أصبحوا لذكائهم الوقاد وحب اطلاعهم عَلَى كل شيء يخوضون غمار العلوم الطبيعية والرياضية فابتدعوا الكيمياء وبرعوا بها وطبقوا تلك العلوم عَلَى الزراعة والصناعة ولهم المنة عَلَى سائر الأمم بأرقامهم العربية النائبة مناب الرومانية وباستنباطهم فن الجبر والمقابلة واختصارهم الهندسة وأعمالهم الجميلة الفلكية في أبحاث سميت الشمس ومعادلة الليل والنهار والبقع الشمسية فقد اصطنعوا الآلات العجيبة الفلكية كالإسطرلاب ونحوه واكتشف كيماويوهم وأطباؤهم خواص الألكحول والنشادر وحامض الآزوت والكبريت والمياه المعدنية وأدخلوا في كثير من علاجاتهم مواد من نبات بلادهم الوطنية كالكافور والراوند والسنامكي وقد أوصلتهم قرائحهم التاريخية لإنشاء عمل شعري بديع وهو ألف ليلة وليلة أقول وهم أسرع الناس إلى تدوين أنسابهم وملاحمهم وأبطالهم ورواية أشعارهم والكتابة في الفلسفة والتاريخ وفنون الاجتماع كابن خلدون وغيره من جهابذة الإسلام.
أما الفنون الجميلة فإن العرب نهجوا فيها نهج البيزنطيين ولم يخالفوهم إلا بعدم تجسيم الحيوان ولكنهم استعاضوا عنه بالنقش النباتي من تشبك أوراق وأقواس باهرة وفصفصة زاهرة وآطام ومعاهد ساحرة كقصور تونس ومصر وبغداد وجامع عمر في القدس وجامع قرطبة والقصر في أشبيلية والحمراء في غرناطة الخ.
والعرب عمال زراعة ورجال براعة فقد برعوا في سقي الجنائن واخترعوا النواعير