وقفت في الصيف الماضي (سنة ١٩٠٩م) عَلَى هذا المخطوط النفيس في المكتبة المارونية بمدينة حلب ويسمى أيضاً (نزهة العيون في أربعة فنون) لمؤلفه جمال الدين أبي عبد الله محمد الكتبي الملقب بالوطواط المتوفى سنة ٧١٨هـ (١٣١٨م) وهو عَلَى شكل دائرة معارف في الطبيعيات والعلوم والجغرافية. متقن الخط مذهب الصفحات في ٥١٨ صفحة مخروم من آخره قليلاً وضعه مؤلفه عَلَى أربعة فنون الأول في العوالم العلوية والثاني في الأرض والثالث في الحيوان والرابع في النبات وكسر كل من الفنون الأربعة عَلَى تسعة موضوعات. والذي يفهم من بعض تعاليق عَلَى الكتاب أن مؤلفه أندلسي الأصل مصري المنشأ. وأن هذه النسخة حصلها من إسبانيا المطران جرمانوس فرحات الحلبي الماروني. وقد رصع مؤلف هذا الكتاب كلامه بنثر بليغ وشعر رشيق ومن منتخبات أشعاره الفلكية قول ابن رشيق القيرواني في ترتيب السيارات:
بالذي شرف كي ... وان بحظ من دهائك
وأعار المشتري حل ... مك مع حسن اهتدائك
وانتضى المريخ سي ... فاً لك يمضي بمضائك
والذي ألقى عَلَى الش ... مس رداءً من بهائك
وكسا الزهرة أخ ... لاقك مع حسن ثنائك
ثم أعطى كاتب الش ... مس نصيباً من ذكائك
وأقام القمر ال ... فريد بريداً لارتبائك
أنجز الوعد لعبد ... ماله غير رجائك
وقول هبة الله بن صاعد بن التلميذ المسيحي يذكر عقوق ولد له:
أشكو إلى الله صاحباً شكساً ... تسعفه النفس وهو يسعفها
فنحن كالشمس والهلال معاً ... تكسبه نورها ويكسفها
وقول آخر في المجرة:
وعلى المجرة أنجم نظمت ... مثل الفقار يلوح في الظهر