اشتقت لفظة المجمع التي هي تعريب أكاديميا الإفرنجية من أكاديموس بطل آثينة فكانت الأكاديميا هناك عبارة عن بيت خاص أو ملعب محاط بالأشجار حوى عدة محال لتقديس الأرباب ومنها محراب لربة الشعر أنشأه الفيلسوف أفلاطون فكان يتنزه تحت ظلال أشجاره مع تلاميذه ويذاكرهم في المسائل العلمية ولما هلك دفن في حديقة مجاورة لذاك المكان فتولى سبوزيين بعده أمر المجمع ثم توسع في معنى الأكاديميا فصار يطلق على فريق رجال الأدب والعلم وأرباب الفنون يجتمعون للبحث في موضوعات عامة نافعة.
هكذا كان شأن مجمع البطالسة في الإسكندرية ومجمع الإسرائيلين ومجمع الخلفاء العباسيين في بغداد والأمويين في الأندلس ومجمع شارلمان والفرد الكبير الفرنسويين. وكانت بعض هذه المجامع أشبه بمدارس منها بمجامع علمية كما ترى المجامع اليوم.
نشأت في أوروبا خلال القرن الثالث عشر والرابع عشر مجامع علمية نظرية مثل مجمع فلورنسا إحدى مدن إيطاليا (١٢٧٠) ومجمع المناظرات البديعة في طولوز في فرنسا (١٣٢٣) ولم يعن في ذينك المجمعين بغير الشعر لما أن ألشعر والأدب هو أول ما تعانيه الأمة وتحرص عليه ليكون سلماً إلى سائر العلوم التي هي قوام المجتمعات البشرية.
أما الحركة التي أدت إلى إحداث المجامع الحالية في الغرب فيجتمع إليها خاصة أهل كل بلد وتنظر في المكتشفات والمخترعات المهمة فتقر سليمها وتنبذ سقيمها فترجع إلى عهد النهضة التي نشأت من إيطاليا والنهضة إذا أطلقت في أوروبا يراد بها دخول الآداب في طورها الجديد والقيام على الصنائع والعلوم التي نشأت فيها في القرن الخامس عشر والقرن السادس عشر. ومما ساعد على إحيائها اكتشاف الطباعة واختراع النقش وهما الاختراعان اللذان عمما الآداب والصنائع.
نشأت تلك الحركة من إيطاليا فكثرت فيها المجامع العلمية أي كثرة فلم تكن فيها مدينة غلا وفيها مجمعاً واحد على الأقل وربما كان في المدن الكبرى عشرون مجمعاً أو تزيد. ومن المجمعات الإيطالية التي أشبهت المجمع العلمي الفرنسوي الحالي مجمع كروسكا ولم يكتب البقاء لما عداه من المجامع العلمية الإيطالية التي نشأت في القرن السادس عشر والسابع عشر وقلما كانت تلك المجامع تدوم بعد مؤسسيها. وفي القرن السابع عشر حذت فرنسا حذو إيطاليا في مجامعها فكثرت فيها المجامع وحسنت حالها لأن الحكومة في فرنسا أخذت