عرف العرب مرض الحمى مثل غيرهم من الأمم القديمة وعالجوه بالماء وغيره من الملطفات ووصفه أطباؤهم وألفوا فيها رسائل ومقالات ضافية من أهمها كتاب (الحميات) خمس مقالات لم يوجد أجود منه، وعلاجاته مجربة. ألفه إسحق بن سليمان الإسرائيلي الذي عمر فوق المائة ولم يتزوج ولا أعقب فعير على ذلك فقال: إن لي أربعة كتب تحيي ذكري أكثر من الولد وهي كتاب الحميات و (الأغذية والأدوية) و (البول) و (الاسطقسات) وتوفي هذا المؤلف سنة ٣٢. هـ (٩٣٢ م) ومن الرسائل في (الحميات) رسالة لمحمد بن إبراهيم ورسالة لجلال الدين السيوطي ولغيرهما رسائل وكتب أخرى ضمنت أنواع الحمى ومعالجاتها وكل ما يتعلق فيها مما هو مفيد اليوم.
شعرياً
ولقد وصفها الشعراء بقصائد ومقاطع كثيرة يحضرنا منها الآن قول المتنبي يصف حماه الليلية التي ظنها بعضهم حمى الدق (السل):
وزائرتي كأن بها حياءً ... فليس تزور إلا في الظلام
بذلت لها المطارف والحشايا ... فعافتها وباتت في عظامي
يضيق الجلد عن نفسي وعنها ... فتوسعه بأنواع السقام
إذا ما فارقتني غسلتني ... كأنا عاكفان على حرام
كأن الصبح يطردها فتجري ... مدامعها بأربعة سجام
أراقب وقتها من غير شوق ... مراقبة المشوق المستهام
وتصدق وعدها والصدق شر ... إذا ألقاك في الكرب العظام
فإن أمرض فما مرض اصطباري ... وإن أحم فما حم اعتزامي
وإن أسلم فما أقي ولكن ... سلمت من الحمام إلى الحمام