أنيسة بهيئة التصغير، يقول أنها رحلت هي إلى دار أبيها وتخلصت أنا من الرق والأسر لها، ومن ثم قالوا في المرأة سيئة الأخلاق أنها (غل قمل وجرح لا يندمل)
الغل واحد الأغلال وهو طريق من حديد أوجلد، يجعل في اليد أوفي العنق.
وقمل بكسر الميم ذوقمل أي فيه قمل فيؤذي الأسير ويحرمه لذيذ الوثن فالمرأة السوء في إرهاقها زوجها مثل هذا الغل:
بانت فلم يألم لها ... قلبي ولم تبك المآقي
ودواء ما لا نشتهيه ... النفس تعجيل ألفراق
أرسل هذا البيت مثلاً سائراً وحكمة بالغة فهو ينصح لكل من ابتلي بما لا تشتهيه نفسه أن يعجل فيفارقه ويقصيه عنه. وقد يقال أن هذا كان منه لمجرد هو ى النفس ونزاع الشهوة في لؤم وخسة وإن كان لضرورة قاضية وليكون في بيته ذا عيشة راضية فلا عتب ولا لوم:
لولم أرح بفراقها ... لأرحت نفسي بالأباق
وصبرت نفسي لا ... أريد حليلة حتى التلاقي
(أرح) مبني للمجهو ل من الراحة. وأصل الأباق فرار العبد من بيت سيده واستعمله هنا في مطلق الهروب. ومراده بالتلاقي اليوم الذي يموت فيه فيلاقي فيه أجله أويلاقي وجه ربه. يقول: لولم تتيسر لي أسباب طلاق أنيسة وبقيت جاثمة في وجهي جثوم الأفعى، لكنت فررت منها فرار الآبق. وفارقتها فراق غير الوامق.
وكنت بذلك أستريح من شرها، ثم أحرم النساء من بعدها لكن قد أسعدني الحظ بتسهيل أسباب طلاقها بالطلوع والرضا فشكراً لتدبير القضاء وعفا الله عما مضي.