يقول أنها عزمت أولاً على الصبر وكتم الغيظ وأسرار الغيرة في نفسها ثم غلبتها نفسها فباحت ببعض الشيء لكنها مع ذلك ظلت متجلدة متماسكة متظاهرة بقلة المبالاة فقالت لأختها ولصاحبة لها أخرى ليت زوجي بدل الزوجة الواحدة تزوج عشر زوجات فإني كارهة له غير راغبة في القرب منه.
وأشارت إلى نساء لديها ... لا ترى دونهن للسر سترا
يقول ثم ارتقى الحال بها واستولت الغيرة علليها فلم يعد يمكنها إخفاء الخبرالذي أضناها وأطار الرقاد عن عينيها: فقالت إلى نساء كن في مجلسها تأمن جانبهن بحيث لا ترى ضرورة لستر هذا السر عنهن وخاطبتهن مشيرة إلى قلبها تقول:
يا لقلبي كأن ليس مني ... وعظامي كأن فيهن فترا
من حديث نما إلي فظيع ... خلت في القلب من تلظيه جمرا
تريد بكون قلبها ليس منها أنه أصبح كتلة نار من شدة الغيظ والكمد فهو ليس منها لأنها هي لحم ودم لا جهنم ولا أتون وفي عظامها فتر أي ضعف ووهن وانكسار ومعنى البيتين واضح لا يحتاج إلى بيان وتفسير. على أننا نشرح في الأحايين أبياتاً تكون جليلة المعنى لا غموض فيها حباً في تنبيه الطالب أوالناشئ إلى حل الشعر وتحويل معناه إلى نثر وبسط ألفاظه ومعانيه بسطاً يقوي في نفس الطالب ملكة المقدرة على تأليف الكلام وحسن التصرف فيه وتأدية المعنى الواحد بالطرق المختلفة والأساليب المتعددة وهذه هي الطريقة التي تعمد إلى منظوم فتحله إلى كلام منثور من أحسن الطرق في تحصيل فن الإنشاء وتقوية ملكة الكتابة في النفس.
وقد وضع ابن الأثير صاحب (المثل السائر) كتاباً لطيف الحجم سماه (حل المنظوم) شرح فيه هذه الطريقة وإبان وجه ألفائدة منها لطلاب ذلك ألفن.
هذا الذي تزوج على امرأته رجل يحب الانتقام ويريد لنفسه شفاء غيظها وتبريد غلها أما زوج أنيسة فقد رأى أن قطع علاقته بالمرة مع أنيسة خير له ولها من تحمل مشاكل الضرة فطلقها وقال: