وإذا هممت بالخير فبادر هواك لا يغلبك وإذا هممت بشر فسوّف هواك لعلك تظفر فإن ما مضى من الأيام والساعات على ذلك هو الغنم.
لا يمنعنك صغر شأن امريء من اجتباء ما رأيت من رأيه صواباً واصطفاء ما رأيت من أخلاقه كريماً فإن اللؤلؤة الفائقة لا تهان لهوان غائصها الذي استخرجها.
من أبواب الترفق والتوفيق في التعليم أن يكون وجه الرجل الذي يتوجه فيه من العلم والأدب فيما يوافق طاعة ويكون له عنده محمل وقبول فلا يذهب عناؤه من غير غناء ولا تفنى أيامه من غير درك ولا يستفرغ نصيبه فيما لا ينجح فيه ولا يكون كرجل أراد أن يعمر أرضاً تهمة فغرسها جوزاً ولوزاً وأرضاً جلساً فغرسها نخلاً وموزاً.
العلم زين لصاحبه في الرخاء ومنجاة له في الشدة.
بالأدب تعمر القلوب وبالعلم تستحكم الأحلام فالعقل الزاكي غير الصنيع كالأرض الطيبة الخراب. ومما يدل على معرفة الله (وهو) سبب الإيمان أن وكل بالغيب لكل ظاهر من الدنيا صغير أو كبير عيناً فهو يصرفه ويحركه فمن كان معتبراً بالجليل من ذلك فلينظر إلى السماء فيعلم أن لها رباً يجري فلكها ويدبر أمرها. ومن اعتبر بالصغير فلينظر إلى حبة الخردل فيعرف أن لها مدبراً ينبتها ويزكيها ويقدر لها أوقاتها في الأرض والماء يوقت لها زمان نباتها وزمان تهشمها. وأمر النبوة والأحلام وما يحدث في أنفس الناس من حيث لا يعلمون ثم يظهر منهم بالقول والفعل ثم اجتماع العلماء والجهال والمهتدين والضلال على ذكر الله تعالى وتعظيمه واجتماع من شك في الله تعالى وكذب به على الإقرار بأنهم أنشؤوا حديثاً ومعرفتهم أنهم لم يحدثوا أنفسهم فكل ذلك يهدي إلى الله ويدل على الذي كانت منه هذه الأمور مع ما يزيد ذلك يقيناً عند المؤمنين بأن الله حق كبير ولا يقدر أحد أنه