للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كتاب نادرفي أصول التدريس]

في خزانة كتب جامع الحيدر خانة كتب مخطوطة ومطبوعة هي من أحسن السلف للخلف وأثمن ما أحتوت عليه مكتبات العراق، ولمرا فإن الذي وقف هذه الخزانة هو داود باشا والي العراق وهو خير وال على أريكة الحكم في هذا القطر المحبوب تولى سنة١٢٣٢هـ ١٨١٦م وكان عالماً فاضلاً أنشأ المدارس العظيمة ودور الخير والإحسان جالس العلماء والحكماء والفضلاء والزهاد وأكرم وفادتهم وأحسن إليهم ما أستطاع إلى الإحسان سبيلاً وفي أيامه أخذت روح العلم تدب في أبناء العراق فقامت نهضة علمية كبرى تحت حماية هذا الوزير لا تزال آثارها باقية إلى الآن فكثر المؤلفون في زمانه وراج سوق الأدب رواجاً عظيما حتى وقفت على أبوابه الشعراء وكان يجيزهم على حسب كفاءتهم ومقدرتهم. وقد أوتي نمت التوفيق ومسالمة الدهر ما لم يؤت أحد قبله من ولاة العراق فإن الأمور انقادت إليه بطبيعتها وأطاعه جميع قطان العراق حاضره وباديه عربه وعجمه وكان محباً للعمران فتاقت نفسه إلى تقليد المدن الأوروبية في طرز البناء وشق الجواد وتعزيز الصناعة فجلب الصناع من الأوروبين وأخذ في أسباب التمدن والعمران وأمر بصنع المدافع والبنادق على الطرز الجديد حينئذ ونظم جيوشاً ضخمة على آخر نظام في زمانه حتى يلغت جنوده أكثر من مائة ألف فطمع في الاستيلاء على دبار العجم وأكتسح عدة ولايات منها وطمحت نفسه إلى الاستيلاء على آسيا الصغرى والاستقلال بالعراق العربي افتداء بمعاصرة محمد علي باشل الكبير أمير مصر وجد الأسرة الخديوية وقد داخل الدولة الرعب والخوف من اتساع الخرق عليها فأرسل عليه السلطان محمود الثاني جيشاً عدده عشرون ألفاً وناط قيادته بأحد الوزراء وهو علي باشا اللظ وصادف لحسن حظ هذا القائد أن دهم العراق وباء وبيل أفنى أكثر جيش الوزير داود وهذا ما جعله يسلم نفسه إلى علي باشل بعد حدوث عدة معارك خسر فيها جيش العراق عدداً غير يسير من الجنود فذهب إلى الآستانة وظل فيها إلى سنة١٢٦. هـ١٢٤٤م بعد أن مكث فيها ثلث سنوات لاقى في خلالها حفاوة وإكراماً من السلطان محمود من أبنه السلطان عبد المجيد وكان يلبس أيام الأعياد حلة رسمية كتب على صدرهاشيخ الوزراءبالطراز المذهب ثم إن عبد المجيد خان أرسله شيخاً على الحرم النبوي سنة١٢٦. هـ١٨٤٤م وبقي في المدينة منشغلاً بالعلم والتدريس ونفع أهل ذلك القطر بفضله وكان عاقداً العزم على فتح مدرسة لتنوير أفكار الحجازيين