اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء! بيدك الخير إنك عَلَى كل شيء قدير
قرآن شريف.
سادتي
أقرئكم تحية العرب فأقول لكل فرد: سلام عيكم،
وأثني بتحية الإسلام فأقول لكم جميعاً: السلام عليكم،
وأعزز هذه التحية المزدوجة بما أخذه الإفرنج عن العرب فأقول لكم بمراعاة المعنى الصحيح:
هذه الكلمة، أيها السادة، وإن كان الإفرنج قد نقلوها إلى معنى التملق والمبالغة في الخضوع والخنوع والخشوع، لكنها في الحقيقة تدلنا عَلَى تأثير الحضارة الإسلامية عَلَى أمم الغرب في أوريا. أفليس من سنة هذا الكون ومن نواميس العمران أن الاحتكاك بين الأقوام المختلفة وإن اختلاط الشعوب المتباينة لا بد أن يترتب عليهما تأثيراً لبعضهما عَلَى البعض الآخر حتى يظهر هذا التأثير في الأحوال العامة وفي الشؤون الخاصة؟ وذلك التأثير مصدره قوة الحضارة. فيكون ضعيفاً ضئيلاً أو قوياً جسيماً بحسب ما وصلت إليه الأمة الغالبة من الارتقاء في سلم المدنية، وبقدر ما نالته من السيطرة والرجحان.
فأيما أمة استبحر العمران بين أبنائها فلا بد لها من التبسط في الأرض والتغلب عَلَى الأمم، فلا يلبث أن يكون لها سلطان (ولو معنوي) عَلَى البطون والعشائر التي تجاورها أو تمازجها أو تأتمر بكلمة منها. وأثر ذلك أن يظهر للمتأمل المتفكر كجبين الصبح ووضح النهار في الأمور المعاشية من زراعة وصناعة وتجارة، بل في الأخلاق والعادات والطباع، بل في العلوم والمعارف، بل في الجد والهزل والوقار والخلاعة.
لست أذهب بكم بعيداً في إثبات هذه الظاهرة العمرانية وهذا الناموس الاجتماعي وإنما أناشدكم أن تنظروا عن أيمانكم وشمائلكم وفيما بين أيديكم، أفلا ترون الرجل من قومنا ممن لا يحسن التلفظ بلغة أمه وأبيه، ولم يرزقه الله إلماماً قليلاً برطانات الأعاجم، أفلا ترونه يبادر صاحبه ومشاكله عندما يلقاه في ليل أو نهار: بونجور مون شير، بون سوار؟.
أفليس من المحقق المجزوم به أن أبنائنا سيلقون في الغيط وفي البيت جود مورننج ماي