لا تقوم واجبات المدارس بتعليم العلوم فقط بل إن بث روح الفضيلة والإقدام من أخص واجباتها.
جول سيمون
تنبه الناس حديثاً لإنشاء المدارس في الشرق ورغب بعضهم فيها بعد أن ذاقوا لذة العلم ورأوا عظم تأثيره في الغرب فعملوا على تأسيسها جهدهم ولم يمض زمن حتى كثرت معاهد العلم وتعددت لاسيما في اليابان مملكة الشمس المشرقة مدهشة العالم بسرعة ترقيها. أتى على بلادنا أزمان عفت فيها آثار المدارس أو كادت إلا ما كان هناك من كتاتيب قليلة ضئيلة فعادت تنفض عنها غبار الإهمال وتزهو بما أنشئ فيها من بيوت العلم حتى أوشكت تضاهي بعض بلاد الإفرنج العامل أهلها على توطيد أركان العمران فيها وإخلاص من مستو بل المفاسد بالتهافت على العلم والرغبة في التهذيب توصلاً إلى بلوغ الكمالات الإنسانية والتمتع بما يجعل الحياة على الأرض هنيئة صافية لا شر فيها ولا شقاء وهو مما يسر ولا جرم المحبين المنصفين ويحقق آمال العاملين المخلصين وينبئ بمستقبل باهر وارتقاء أكيد ينهض بالشرق من كبوته ويعيده إلى سابق عظمته.
ولقد مرت على مدارسنا أعوام وهي إلى يومنا هذا لم تعن بتحسين الأخلاق وإصلاح الملكات والعادات اعتناءها بقواعد اللغات والرياضيات والطبيعيات على حين نرى الحاجة ماسة إلى تقويم أود الأخلاق وعجن النفوس في مركن الوطنية وحب الخير والإحسان وتنظيفها من أقذار ما توالى على البلاد من النوائب والإحن وعوامل الجهل والانحطاط وتنشئتها على الجرأة والعزم والحزم والإقدام والتساهل والمسالمة والتعاضد والاتفاق وتدريبها على الصدق والإخاء والاجتهاد والترتيب والاقتصاد وتقويتها على احتمال أثقال الحياة ومتاعب العمر وتذليل العقبات ومقاومة التجارب بالعفة والنزاهة والمكاره بالصبر والترفع عن الصغائر والتمسك بأهداب الفضائل والنهوض إلى معالي المجد والجهر بالحق وعدم الاعتداد بالقيل والقال والتشبث بأهداب المحال وتربيتها على احترام حق الضعيف وإكرام المستحق ومعاونة القاصر وتنشيط المستعد وطلب النافع ونبذ المضر إلى غير ذلك مما يؤهل المرء ليحسن القيام بواجباته والتمتع بحقوقه ويؤدي به إلى ما يتمناه له