للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[اليونان]

معربة من كتاب تاريخ الحضارة

العناصر اليونانية

صورة هذه البلاد - أرض يونان من الأقاليم الضيقة (هي ٥٧٠٠٠ كيلو متر مربع) لا تكاد مساحتها تزيد عن مساحة سويسرا ولكنها بما فيها من اختلاف الأهوية وما يتخللها من الجبال ويتقسمها من الخلجان أقليم غريب في شكله خلق ليؤثر تأثيراً كبيراً في أخلاق ساكنيه. وتقطع أرض اليونان من وسطها سلسلة من الجبال (البند) فيناوح الجبل فيها جبلا مثله ويقوم الصخر إلى جانب الصخر حتى يعلو عن سطح البحر ستمائة متر كانه حصن أحاطت به سلاسل عالية وعرة مثلجة تنزل في البحر على خط قائم وتمتد الجزر على طول الشاطئ وما هي إلا جبال مغمورة يمر رأسها فوق الماء. وتقل في الأرض ذات الوهاد والنجاد التربة الزراعية وتكاد لا ترى حيثما ألقيت ناظرك غير صخور جرداء مرداء أما الأنهار فتشبه سيولاً ليس فيها غير طريدة ضيقة من التربة المنبتة بين مجراها ونصفه جاف وبين صخور الجبال الجرداء. وكان في هذه البلاد الجميلة بعض غابات وأشجار سرو وغار ونخيل وكروم غرست في مواضع من التلال ولكن قلما أتت بغلات جيدة أو بمراعي خصبة. فبلاد هذا شأن طبيعتها ينشأ أبناؤها ممشوقة قدودهم قوية أجسادهم قانعة نفوسهم.

البحر - تعد بلاد يونان من البلاد الساحلية وهي أصغر من إلبرتغال وشواطئها تكاد تقرب من شواطئ اسبانيا بكثرتها ينساب فيها البحر من عدة خلجان ووقائع وتخاريم.

ومن العادة أن يحيط باليم صخور تتقدم أو جزر تتقارب يتألف مرفأ طبيعي وهذا البحر أشبه ببحر لا مد فيها ولا جزر ولذلك سلمت شواطئه من الضرر وليس لونه كالبحر المحيط أبيض كامداً كثيباً وهو في العادة هادئ صاف ولونه كالبنفسج كما يقول هوميروس ولا أكثر استعداداً من البحر للسفر فيه سفراً قصيراً. ولقد نهب ريح الشمال صبيحة كل يوم فتسير بها قوارب مدينة أثينة نحو آسيا الصغرى قائمة مثل صخور الكمين وإذا صحت السماء تقطع السفينة المسافة وهي بقربة من اليابسة تراها كل حين. ولذلك كان لسكأن هذه البلاد من سكون بحرهم ومتشردين على نحو ما كان الفينيقيون فإنتشروا في العالم القديم