أصيت هذه المجلة في السنة الماضية بعوارض كثيرة حالت دون إصدارها في مواعيدها عَلَى النحو الذي اعتادته في معظم أدوارها فاضطرتنا الأحوال السياسية إلى أن نلحق بمصر من طريق البرية وعطلت الحكومة المقتبس اليومي عل الصورة التي سبق لها مثلها في سنة ١٣٢٧ والممثل لكلتا الفاجعتين ناظم باشا والي سورية الأسبق بعينه ومينه فمكثنا أشهر الربيع والصيف في القاهرة أصدرنا خلالها جزئين وبعض الثالث ثم عدنا في الخريف إلى دمشق مضطرين ومطبعة المقتبس قد أكرهنا الوالي عَلَى بيعها ليصعب علينا بذلك إصدار المقتبس ثانية فاضطررنا أولاً إلى الطبع في مطبعة لن تكن في استعداد كاف لطبع المجلة ثم طال بحثنا عن ورق جيد حاضر في السوق فلما تمت المعبدات في الجملة تتابعت الأزمات السياسية بانتشار الحرب البلقانية المشؤمة فارتبكت الأحوال الاقتصادية في البلاد حتى انقطعنا مدة عن الطبع مكروهين وها نحن الآن نختم السنة السابعة سنة ١٣٣٠هـ أواخر سنة ١٣٣١ أي أننا أصدرنا من حيث المجموع أجزاء سنة في سنتين ولذلك لا نعد سنة الحرب التي اهتزت بويلاتها أعصاب السلطنة ونال الشام بل مصر حظ وافر من هذا الاضطراب.
وإنا لنشكر كل من اهتم لصدور المقتبس وأخذوا بيدنا في نشره ونشطوه بماديتهم وأدبياتهم أكثر الله من أمثالهم الذين يهتمون للعلم والمعارف كما إنا لنثني الثناء الأطيب عَلَى مؤازري المجلة في مصر والشام والعراق وتونس وغيرها ممن لم يعقهم عدم الاطراد في صدورها عن إرسال أبحاثهم ومقالاتهم لتطبع فيها ونعدهم بأننا نبدأ منذ أول جزء يصدر في المحرم من السنة الثامنة (١٣٣٢) بنشرها تباعاً بحسب أوقات ورودها ليعم نفعها قراء العربية ونستميح طبقة الخاصة عذراً عَلَى ما بدر من أغلاطنا وأغلاط المطابع فهو لا يخفى عَلَى فطنة القراء في الجملة وعذرنا إليهم في عدم العناية ما تقدم خصوصاً وبعض الملازم طبعت بدون أن نصححها بأنفسنا دع التقلقل الذي نالنا في مملكة لم تستقر حتى الآن حالتها السياسية عَلَى محور معلوم. وصفاء جو السياسة هو الميزان الكبر في سير الأعمال ولاسيما العلمية فإن الفشل الذي نالنا في الروم إيلي وطرابلس وبرقة وجزر الأرخبيل قد أصاب شرر شره كل من له علاقة بهذا الوطن العثماني عَلَى اختلاف الدرجات.