البلاد العربية على التحقيق هي كل شبه الجزيرة التي يحيط بها ألفرات وخليج فارس وخليج عمان شمالاً وشرقاً وجبال وروس والبحر المتوسط والبحر الأحمر شمالاً وغرباً والبحر الهندي فيما سوى ذلك بل ينبغي أن يضاف إليها معظم البلاد الواقعة بين نهري ألفرات ودجلة من عرض ماردين وديار بكر شمالاً إلى القرنة جنوباً فإن كل هذه البقعة كانت من أول فجر التاريخ إلى هذه الغاية يسكنها أقوام من الجنس السامي هم أقرب ما يكون إلى العرب والعادية العدنانية في أخلاقهم وعوايدهم ولغتهم فضلاً عن بنيتهم الجسمانية. وتشير التقاليد العربية على ما ذكر أشهر المؤرخين إلى أن العاديين في أقدم دولهم التي نزلت الأحقاف وحضرموت وبعدهم تمود هاجروا إلى الجنوب من العراق وما يجاوره.
والآثار دلت دلالة لا يختلف فيها أحد من العلماء الباحثين في العصر الحاضر على أن حمورابي الشهير كان عربياً والمتحقق أيضاً أن لغة بابل القديمة ولغة الآشوريين الذين شادوا فيما بين النهرين دولة من أعظم الدول القديمة كانت لغتهم عربية أو أقرب ما يكون إلى اللغة العربية العادية أو العدنانية المضرية. وإشباع البحث الآن في هذا الموضوع خارج عن مقصدنا وربما عدنا إليه في مقالة على حدة.
موضوع مقالتي الحاضرة هو بلاد العرب الأصلية الواقعة جنوبي خط موهوم يمتد من رأس خليج السويس إلى رأس خليج العجم بين البحر الأحمر غرباً والبحر الهندي جنوباً وشرقاً وخليج عمان وخليج فارس شرقاً وشمالاً. وحدودها واضحة كل الوضوح ليس في بلدان الدنيا ما هو أوضح منها إلا في جهتها الشمالية حيث يحدها الخط الموهوم كما أشرنا.
مساحة هذه البلاد
مساحة هذه البلاد بين مليون ومليون ومئتي ألف من الأميال المريعة ثلثها رمال دهناوية ونفودية (نسبة إلى دهناء ونفود) ومعظم هذه الرمال في الدهناء الكبيرة المعروفة بالربع الخالي بين اليمن وحضرموت وعمان وبلاد نجران إلى ما يصاقب قلعة بيشة غرباً وجنوباً وشرقاً وجنوبي شبه جزيرة قطر مما يلي عمان إلى واحة يبرين إلى الدواسر شمالاً ثم النفوذ الشمالي الكبير الذي يفصل بين صحراء سوريا شمالاً وبلاد شمر خيبر ومدائن