وهناك رمال أخرى تفصل بين الحسا وهي كل البلاد الواقعة على الخليج ألفارسي من فاو تقريباً إلى شبه جزيرة قطر وبين نجد ثم الرمال التي تفصل شمر ونجداً عن العراق من مشد علي شمالاً إلى فاو جنوباً وهذا الثلث من الأرضين لا عمارة فيه أصلاً إنما ينزله الأعراب أو ينزلون أطرافه في الشتاء والربيع لرعاية أنعامهم وفي بعض هذا اثلث أحسن المراعي العربية في الزمن الذي أشرنا إليه.
والثلث الثاني صحار وحزون هي مراع للسائمة من الإبل والشاه وليس فيها عمران حضري إلا ما ندر حيث ثم بعض أعداد المياه. وأعداد المياه جمع عد وهو الماء الجاري لا ينقطع والقديم من الركايا.
وأما الثلث الثالث فأرض زرع وضرع لا ينفص في خصبه عن أخصب الأرضين في العراق وضفاف النيل في مصر والصعيد وفي هذا الثلث أغلب اليمن ومتصرفية عسير وقسم كبير من عمان ومعطم أودية حضرموت ونجد ولا سيما الفلج وأعراض اليمامة وواحات الحسا.
عدد السكان
يختلف الكتاب في تقدير عدد سكان هذه البلاد وحقهم أن يختلفوا لاتساع مساحتها وانفصال بعض أقسامها عن بعض وصعوبة الوصول إلى كل قسم من أقسامها أياً كان أما للحوائل الطبيعية أو لتنكر أهلها من غريب عنهم يجوس خلال ديارهم والذي رأيناه في مطالعتنا كلها لكتاب من الإنكليز. وهؤلاء لا يؤتمنون على الحقيقة في كل ما يتعلق بالبلاد العثمانية فإنهم منذ زمن بعيد لا يرون ولا يكتبون إلا ما يوافق سياستهم ومقاصدهم الخصوصية الخفية حتى في أمر كالذي نحن في صدده أي عدد السكان فأنهم يزيدون فيه أو ينقصون على ما يكون أمام غايتهم وقد رأيت لكاتب ورحالة منهم مشهور يعرف باسم كين مؤلفاً جغرافياً في مجلدين وفيه ما يقضي بالعجب فإنه يذكر في موضع من كتابه أن سكان هذه البلاد لا يزيدون عن خمسة ملايين في الأكثر ثم يذكر في موضع آخر أنهم يبلغون اثني عشر مليوناً وبين العددين تفاوت كبير. ولا أتصدى الآن لبيان الداعي الذي دعاه لذكر هذين العددين المختلفين اختلافاً بيناً من غير أن يظهر في كتابته أو في إشارة إلى أنه فطن