إلى ما بينهما من التفاوت العظيم ولكبي أذكر ما ذكره عن المستر ولفرد بلنط الكاتب والسياسي الإيرلندي المشهور وهذا الرجل زار حائلاً مدينة ابن الرشيد وعاصمة بلاد شمر فقال كين عنه أنه (أي بلنط) تحقق أن موقع حائل بالنسبة إلى جبل أجا هو غير ما ذكره الجغرافيون وأهل العلم بتخطيط البلدان ومع علمه هذا لم يصلح الخطأ مخافة أن يقتنع العثمانيون من إصلاحه فيما إذا عرضت واقعة مهمة في المستقبل تقتضي معرفة موقعها الحقيقي. والظاهر من كتابته أنه لم ينكر عن بلنط ولا رأى فيما أتاه من إخفاء هذه الحقيقة لهذا الغرض ما يؤاخذ عليه. وأقوام هذه حالتهم وهكذا مقاصدهم ومتجه أفكارهم لا نلام فيما إذا كنا نشك في كل ما كتبوه ويكتبونه عن الحكومة العثمانية والبلاد العثمانية حتى عن عدد الأجناس المختلفة فيها ولا أظن أن كين يختلف عن بلنط من هذا القبيل فإنهما انكليزيان وكل انكليزي من غير طبقة الغوغاء يسابق صاحبه في خدمة مقاصد دولته وترويج سياسة الحكومة العليا في الخارج يكاد يفعل ذلك سليقة وبالبديهة وقائدهم في ذلك صحافتهم الداهية الخلابة والصخابة عند الإقتضاء.
والذي أرجحه في عدد سكان العربية أنهم يزيدون عن الإثني عشر مليوناً ف ن عمان بلاد واسعة خصبة جيدة الهواء قليلة الوبالة وأهلها يحسنون الزراعة ويشدون شيئاً من الصناعة الخاصة بهم والرائجة عندهم وفوق ذلك هم أهل تجارة واستعمار وفد كان معظم شرقي افريقية لهم بل امتددت سلطتهم وتجارتهم إلى قلب الكنغو وأواسط جنوبي إفريقية وما زالت كل بلاد زنجبار لهم إلى أن خالطوا البريطانين فعمل هؤلاء على التخفيف عنهم من ثقل مسؤوليتهم في افريقية ففصلوا هذه أولاً عن مركز السلطة في عمان ثم ما زالوا يخففون من مشاق العثمانيين وسلطان زنجبار في تلك الأصقاع ويتحملون هم تلك الأعباء الشاقة عنهم حتى لم يبقوا عليهم شيئاً من التعبئة يستحق الذكر فجزاهم الله عن أتعابهم جزاء يستحقونه!
بلاد كبلاد عمان بلاد زراعة وصناعة وتجارة واستعمار وتكاد تكون إلا في سواحلها أحسن بلاد في الدنيا طيب هواء وجمال مناظر وفوق ذلك لا تقل مساحتها عن خمسة وثمابين ألف ميل مربع أي مضاعف مساحة سورية من رأس خليج اسكندرون إلى العريش ولها بادية أيضاً هي ضعف بادية سورية مساحة على الأقل. بلاد هذه صفتها ما أظن ينقص عدد سكانها عن عدد سكان سورية وفي الراجح عندي أنهم لا يقلون عن أربعة ملايين.