[الصديق المطاع]
علام حرمنا منذ حين تلاقيا أَفي سفرٍ أم كنت لاهيا
عهدناك لا تلهو عن الخلّ ساعةً ... فكيف علينا قد أطلت التجافيا
ومالي أراك اليوم وحدك جالساً ... بعيداً عن الخلان تأبى التدانيا
أنابك خطبٌ أم عراك تعشق ... فإني أرى حزناً بوجهك باديا
وما بال عينيك الاتين أراهما ... تُديران لحظاً يحمل الحزن وانيا
وأي جوىً قد عدت أصفر فاقعاً ... به بعد أن قد كنت أحمر قانيا
تكلم فما هذا الوجود فإنني ... عهدتك غرّيداً بشعرك شاديا
تجلد تجلد يا (سليم) ولا تكن ... بما ناب من صرف الزمان مباليا
ولا تبتئس بالدهر إن خطوبه ... سحابة صيف لا تدوم ثوانيا
فقال ولم يملك بوادر أدمع ... تناثرن حتى خلتهن لئاليا
لقد هجبتني يا (أحمد) اليوم بالأسى ... وذكرتني ما كنت بالأمس ناسيا
أتعجب من حزني وتعلم أنني ... قريع تباريج تشيب النواصيا
لقد عشت في الدنيا أسيفاً وليتني ... ترحلت عنها ولا عليّ ولا ليا
لقد كنت أشكو الكاشحين من العدا ... فأصبحت من جور الأخلاء شاكيا
وما رحت أستشفي القلوب مداوياً ... من الحقد إلا عدت عنها كما هيا
وداريت حتى قيل لي متملق ... وما كان من داء التملق دائيا
وحتى دعاني الحزم أن خلّ عنهم ... فإن صريح الرأي أن لا تداريا
وربّ أخٍ أوقرت قلبي بحبه ... فكنت على قلبي بحبيه جانيا
أراد انقيادي للهوان وما درى ... بأني حر النفس صعبٌ قياديا
إذا ما سمائي جاد بالذل غيثها ... أبيت عليها أن تكون سمائيا
ألا فابك لي يا (أحمد) اليوم رحمة ... ودعني وشأني والأسى وفؤاديا
فإن أحق الناس بالرحمة امرؤٌ ... أضاع وداداً عند من ليس وافيا
وما كان حظي وهو في الشعر ضاحكٌ ... ليظهر إلاّ في سوى الشعر باكيا
ركبت بحور الشعر رهواً ومائجاً ... وأقحمت منها كل هول يراعيا
وسيرت سفني في طلاب فنونه ... وألقيت في غير المديح المراسيا