[أيتها السماء]
إليك تتوق أيتها السماءُ ... نفوسٌ قد أضرَّ بها الشقاءُ
ومضتها على الأرض الرزايا ... واسأمها بمحبسها الثواءُ
أحقيّ يا سماء مني نفوسٍ ... إليكِ لها إليك لها التجاءُ
ترجى فيكِ بعد الموت عيشاً ... فوا أسفاه إن خاب الرجاءُ
عدينا ثمَّ إن شئت امطلينا ... فإنا بالوعود لنا اكتفاءُ
وإنا نحن قومٌ قد أهنا ... وإنا نحنُ قومٌ أبرياءُ
وإنا قد عشقنا الموت لما ... سمعنا ذكره فمتى اللقاءُ
إذا أمست حياة المرءِ داءً ... فليس سوى الحمام لها دواءُ
يساء المرء أن يحيا سليماً ... ولكنَّ الحوادث لا تشاءُ
وما حبّ المعيشة في ديارٍ ... لأحرار النفوس بها جفاءُ
فلا سقياً ولا رعياً لأرضٍ ... تراقُ على جوانبها الدماءُ
وما سلمت عليها قبل هذا ... من الأرزاءِ حتى الأنبياءُ
انفسي إن جزعتِ من المنايا ... فإني منكِ يا نفسي براءُ
عبدتِ الأدنياَء رجاَء دنيا ... حوتها بالخداع الأدنياءُ
وأوردتِ الهوانَ فلم تعافي ... فأين تحدثي أين الإباءُ
أبيني يا سماء وخبرينا ... بما لم ندرِ دامَ لكِ العلاءُ
ولا زالت على مرّ الليالي ... نجومكِ يستضيءُ بها الفضاءُ
هل الأرواح بعد الموت منا ... لها في جوك السامي بقاءُ
أم الأرواح تابعةٌ جسوماً ... لنا تبلي فيلحقها الفناءُ
فضاؤكِ هل يصيرُ إلى انتهاءٍ ... أم الأبعاد ليس لها انتهاءُ
وحقٌّ أنَّ للأجرام حداً ... أم الحد الذي يعزى افتراءُ
وبعد نهاية الأجرام قولي ... خلاءٌ في الطبيعة أم ملاءُ
يحيرني امتدادك في الأعالي ... ويبهجني بزرقتك الصفاءُ
أحبّ ضياَء أنجمك الزواهي ... فأحسن ما بأنجمك الضياءُ
نجومكِ في دوائر سابحات ... يحفّ بها المهابة والبهاءُ