يفرد الغربيون كل العلوم بتأليف خاصة بل يفردون العلم الواحد بفروع كما هو الحل في التاريخ فقد وضع المسيو شارل سينوبوس أستاذ التاريخ في كلية باريز وصاحب كتاب تاريخ الحضارة الذي عربنا أكثره ونشرناه بين أهل العربية هذا الكتاب في تاريخ السياسة الأوروبية الحاضرة:
أفاض في نشوء الأحزاب السياسية وأشكال الحكومات وتقلبات السياسة في أوروبة منذ سنة ١٨١٤إلى سنة ١٨٩٦ أي منذ سقوط نابليون أيام كان الحاكم المتحكم على كثير من بلاد أوروبا يتدخل في شؤونها الداخلية والخارجية ويحكمها حكماً عسكرياً قاسياً بل كان ببسط نفوذه مباشرة أو بالواسطة على جميع شعوب أوروبا فيحكم الإمبراطورية الفرنسوية مباشرة وهي ليست فقط فرنسا القديمة والبلاد المضافة إلى الجمهورية (كالبلجيك وولايات الريم) بل أجزاء من سويسرا وثلث ايطايا وبلاد القاع والولايات الألمانية الواقعة على شواطئ بحر الشمال والولايات الايليرية (الأسبانية) فيحكم هذه البلاد حكما مطلقاً كما كان يحكم الممالك المجاورة التي ارتبط معها بمعاهدات هجومية ودفاعية مثل ممالك اسبانية ونابولي وإيطالية وفستوفالية التي ولي عليها أقاربه وممالك ألمانية المنضمة تحت لواء اتحاد الريم وسويسرا والدانمارك واضطر سنة ١٨١٢ المملكتين الألمانيتين المستقلتين النمسا وبروسيا إلى الانضمام إليه ضد روسيا ولم يبقى خارجاً عن سلطانه إلا أطراف أوروبة مثل انكلترا وروسيا والسويد وصقلية والبرتغال وكان عصاة أسبانية يناوشونه القتال وهكذا كانت أوروبا بأجمعها منقسمة إلى معسكرين: نابليون وأعداؤه.
بدأ المؤلف بالكلام على انكلترا وذلك لأنها كما قال كانت في القرن التاسع عشر المثال السياسي لأوروبا فالشعب الانكليزي هو الذي أنشأ الطريقة السياسية التي اتبعتها أوروبا المعاصرة والحكم الدستوري والحكم النيابي وضمانات الحرية واقتدت به بقية الأمم والأحزاب التي اتصفت بها الحياة السياسية في القرن التاسع عشر (مثل الدستوري والنيابي والمتطرف والاشتراكي) قد تألفت في انكلترا قبل أن تظهر في الممالك الأخرى ولذا بدأ بانكلترا في الكلام على التاريخ السياسي في أوروبا.
تكلم على الحومة المركزية في انكلترا والسلطات المحلية وطريقة انتخاب النواب والكنائس