يدعو الدّعاة الآن إل ضمِّ شمل ممالك أوروبا الوسطى تحت لواءٍ واحدٍ تكون برلين العاملة الوحيدة فيها على نحو ما ضمّت بروسيا إليها شمل الحكومات الألمانيّة منذ ستّ وأربعين سنة. فتنشأ الآن مملكة جرمانيَّة كبرى كما نشأت مملكة ألمانيا الكبرى وبذلك يستحيل على سائر دول أوروبا أن تنال منالاً من هذه المملكة الضخمة التي تصدر عن رأيٍ واحدٍ مركزه برلين وقادته رجال الألمان وتكون حدود هذه المملكة الجديدة من نهر المارن إلى التّخوم الجنوبيّة من بولونيا ومن همبورغ إلى الأستانة وما وراءها إلى الشّرق
وقد كتبت مجلّة المجر في هذا الشّأن فصلاً قالت فيه أن تباور الممالك الوسطى حول الأصل الجرماني قد بدأ وإذا كان خصومنا من الدّول قد شهروا علينا الحرب ليقضوا القضاء الأخير على تغالي ألمانيا في جنديّتها وميل جرمانيا إلى ابتلاع كلّ من يخالفها فهل يستطيعون أن يحولوا دون تأليف أوروبا المركزيّة الجرمانية؟ أيستطيعون أن يمنعوا هذا بالقوّة - قوة الجيوش والأساطيل والمجالس الحربيّة والخُطَب والشّكايات؟
فإذا كانت النّتائج السّلبيّة التي نالها خصومنا منذ سنتين لم تكفِ لإنارة فكرهم في هذا الشّأن فإن إلقاء نظرةٍ على الماضي تكفي لأن تزعزع ثقتهم. وذلك لأن حرب السّبع السّنين مثلاً قد هيّأت أسبابها وعقدت المحالفة الكبرى من النمسا وروسيا وفرنسا والسّويد لتلك الغاية نفسها وهي نزع ما امتلكه بروسيا من الأملاك الجديدة وتصغيرها بحيث تكون أمارة صغيرة ووضع حدّ لإفراطها بالتّجنيد مما كان يقلق أعداء فريدريك الثّاني كما يقلق له اليوم أعداء غليوم الثاني.
ماذا نشأ من ذلك؟ نشأ منه أنّ سيلزيا لم تنفصل فقط عن روسيا بل إنّ هذه خرجت أكبر وأقوى مما كانت مع أنها حاربت أوروبا تقريباً. نعم أثّرت في بروسيا تلك الحرب كما أثرت في خصومها ولكنها خرجت منها وقد جعلت لها مركزاً بين الدّول العظمى فجذب جاذب القوة حول أعلامها الشّروب التي هي من عنصر ألماني فأصبحت برلين منافسةً لفيينا في التّفوق في ألمانيا وانحلّت مسألة هذا الامتزاج الألماني حلاًّ قطعيَّاً لا في موقعةكونيكراتزبل فيسيدانوحاول نابليون الثّالث أن تنعقد أواخي الوحدة الألمانيّة في وكانت إمارات ألمانيا متخالفة بينها على أمور تافهة وبعمله سارعت إلى تناسي اختلافاتها فدفع الألمان الخطر أولاً ثم الحماسة والمجد الباهر الذي أحرزوه بانتصاراتهم إذ ذاك إلى تنبيه