للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الشيخ إبراهيم اليازجي]

فجعت العربية في الشهر الماضي بكبير من أكابر أهلها المنشئين وأستاذ من جهابذة المعربين والمؤلفين الطيب الذكر والأثر الشيخ إبراهيم اليازجي صاحب مجلة الضياء. توفاه الله في هذه العاصمة عن ستين عاماً قضاها بين المحابر والدفاتر وقد وقف حياته على الإفادة والاستفادة فانتفع به خلق كثير في جميع البلاد التي تقرأ فيها العربية ولاسيما في مصر والشام.

ولقد عزَّ نعيه على كل من عرف فضله وأخلاقه وما خصَّ به من دماثة الخلق ولين الجانب وعزة النفس وحسن العهد ولا عجب فقد فقدت المطبوعات بفقده عضواً عاملاً ورجلاً نافعاً. ورثاه جمهور كبير من العلماء والفضلاء وابنته الصحف والمجلات على اختلاف الملل والنحل واللغات لأن المصيبة بفقده كانت عامة جازاه الله أفضل ما يجازي المحسنين على إحسانهم.

وهاك ما كتبناه في المؤيد الأغر يوم وفاة هذا الفقيد العزيز من تأبينه وترجمة حياته:

كان فقيد اليوم عالماً مدققاً ولغوياً ضليعاً ومترسلاً تحريراً ومفتناً فكهاً ونقاداً غيوراً وكاتباً فريداً وشاعراً مجيداً قضى حياة المتعلم والمعلم والعالم على أكمل وجوهها وبرز خاصة في علوم العربية على أقرانه فعد من آحاد زمانه.

نشأ من بيت كان ربه يتغنى ليله ونهاره بالشعر والأدب فشبَّ وشاب فيما نشأ عليه أنشئ له. وناهيك بمن يرضع اللغة من صغره ويعاني الأدب في جميع أدواره لا يصل إلى وسمعه غيره ولا تقع عينه على ما سواه والجميع مستحسن له ومصفق ومؤمن على أقواله ومصدق.

فانصرف في مدينة بيروت كوالده الشيخ ناصيف إلى التعليم والتصنيف فتخرج به جهابذة أدباء وأكثرهم اليوم هم الحركة الدائمة في مصر والشام وألف على ذاك العهد كتباً وصحح أخرى منها شرح ديوان المتنبي. وصحح التوراة كما نقح كتب والده المدرسية في الصرف والنحو والبيان والعروض ووقعت له محاورات مع صاحب الجوائب وغيره كطرفة الطرف وكتب مجلة الطبيب سنة كاملة بمساعدة صديقيه العالمين الدكتورين زلزل وسعادة.

هبط مصر في شتاء سنة ١٨٩٧ لإنشاء مجلة علمية وطبع معجم عربي كان عني بتأليفه منذ سنين ولكن خانته الأقدار فرأى ما كان يسمعه عن نهضة مصر العلمية مبالغاً فيه وأن