بعد ما قبرت شهيرة ابنها أنشأت تفكر فيما يؤول إليه أمرها لأنها أدركت انقطاع أجرة الحضانة وزوال العلاقة التي كانت تربطها بسعيد ولم يبق بينهما غير عقد الزوجية فأدركت أيضاً استصدار الحكم عليه بمائة ليرة يمنعه من الطلاق إذا أرادت أن يطلقها فما وجدت انفع من الرجوع إليه والرضا به وكان بلغها أنه يسعى في زواج غيرها فأعربت لأمها عما يخالج ضميرها وقالت لها أنها تود الرجوع إلى زوجها قبل أن يقترن بغيرها فأخذتها على أنكارها وطمأنتها بقولها: أنه لا يقدر على الزواج لأن الناس علموا بما جرى بينكما فيخافون على بناتهم من أن يصرن إلى ما صار إليه أمرك. ثم قالت: وليس مثلنا قليلي العقل والبصيرة.
ماذا جرى لي حتى يمتنع الناس عن تزويجه بناتهم أما كنت أنت السبب في تنافرنا ونحن كنا راضين من بعضنا وكان الصفاء ملازمنا والهناء يرأفقنا فأنت التي كدرت صفاءنا بتصوراتك الدنيئة فلو كنت تركتينا وشأننا لما حدث بيننا شيء ولكن طمعك الذي أدى بنا إلى الفراق وبعث فينا روح الشقاق فأسألك بأبيك ماذا تبغين مني؟ ألست بالغة الرشد والكمال؟ فلماذا لا تتركيني حرة في أعمالي أتصرف بها كما أشاء؟ فإن كان قصدك قتلي وهلاكي فبئست الأمهات اللواتي تبدلن سعادة بناتهن بالشقاء وأني لا أدرك غرضك من افتراقنا مع أننا كنا على وئام وسلام يحسدنا من سمع بما قامت عليه قواعد ائتلافنا.
ما لي أراك اليوم تشتاقين إلي زوجك الذي هو مطية العار فلا عاش الرجال؟
لم أر سبة بانتسأبي إليه إما أنت التي سعيت في زواجي به؟ وهل كان مجهول الأحوال لديك ولدى أخي الذي رأفقه ثماني سنين وأنا على علم من أنه لا يزال كما كان عليه من قبل وما يخيل لي أن أجد مثله بين الناس فهل رأيت أم سمعت برجل يعامل أمرأته بالمساواة ويسعى فيما يرضيها بكل ما أمكنه في هذه البلاد؟ من لي برجل يعاملني هذه المعاملة الحسن؟ على أني أعجب من أعمالك مع أصهارك. ألست أنت التي كنت السبب في طلاق أختي حتى أصبحت محرومة من الزواج؟ وهي لا تزال في كدر وأسف على زوجها مع أني أعلم ويعلم كل إنسان أن الأمهات تحب أصهارها أكثر من أبنائهن وأنت